عفا عن لحيته بعد ان شحذ لسانه ثم استوى على منبر اوهامه ، انتفخت اوداجه واحمرت عيناه
و استشاط غضبا وهو يحاور جاره وقد عبثت ايدي الخريف باطلال نضارة آفلة من وهج المصيف.وكان قد صرف اياما قائضة في مغالبة وكد ،يروي الحقل ويحصد الزرع
-والله ما أراك الا ضالا مضلا تفسد الشباب ببدعك الشيطانية،فانظر لنفسك محجة وطريقا تقيك شرور نفسك ،وتقربك الى نور العافية والثوبة ، فانك هالك لا محالة .
لم يقل الجار شيئا ،علا وجهه بشر وتناول الكمان وعزف تراتيل هابطة من ملكوت السماء.ترددت الحان زرعت السكينة والدعة في اوصال الفضاء.سكنت الحواس وهدات النفوس وتراقصت اوراق الاشجار الذابلة على افنانها وحلقت الطيور مرددة تسابيح ربانية نورا وجمالا
امسك بلحيته يداعب شعيراتها المخضبة حناءا،استغرقه شعور بالرضا ،وانفرجت اساريره واقترب من جاره وهامسه:
-اتق ربك ، فانه سائلك يوم القيامة عن شبابك فيما افنيته ،فدع عنك هذا فاني والله اجزم بما لا يدع شكا لليقين ان اشتغالك بهده الالة بدعة اسلمتك الى ضلالة.
لم يتوقف العزف ،سالت الالحان شجية تسرد قصة الكون و آلامه ثم خاطب الشيخ برفق:
-هل تسلم ان كل ما في الكون يسبح بحمد الخالق الباري
-اي ورب الكعبة
-الاترى ان الالحان تسبيح وحمد لجلاله
-فليكن الامر كذلك
-فلم تنكر علي تسبيحي ؟
ولم يحر الشيخ ردا ،وكان يعرف ان جاره اهمل حقله فبارت ارضه ، ولم يحصد شيئا، وتمثل اهوال الشتاء جوعها وبردها
وعز عليه ان يكون على هذا الحال ،هل سيتغذى ويستدفئ الحانا؟ وغاب في حقله اياما اخرى يلاحق بقايا غلات ابية على الجمع.
افتقد جاره عند تساقط اولى الندف البيضاء ،بحث عنه في كل مكان ،فقيل له انه رافق الطيور المهاجرةبحثا عن دفئ المكان