لماذا الآن ينتزعني شوق خائن لأقلّب بين أوراقي بحثا عن قصيدة؟
لماذا الآن والمشاغل تخنقني وعقارب الساعة تطرق دروب الزمن دون انتظار ولا التفات؟
وأنا التي ظننتني شفيتْ زمنا طويلا، أجدني الآن أصدق حقا أن المدمنين لا يشفون حقا بل تبقى تلك الرغبة تستعر في مكان خفي في أعماقهم حتى إذا انفجرت بركانا عجز أي كان عن الوقوف في وجهها. ولماذا لا أعترف بذلك اللحظة، وأنا التي -من بعد طول تصبّر- أسهدتْها الذكرى ليالي عدة، لتنهض الآن من بين ركام الأوراق والمواعيد المتراكمة باحثة عن قصيدة، فتقودها القصيدة إلى أخرى، ويقدنها كلهن إلى حروف صامتْ عنها حينا طويلا إلا من عبارات عابرة. وما الذي أكتبه الآن؟ أنا حقا لست أدري ماذا بي ولست أدري ماذا أريد، أو لربما .. لربما كل الذي أريده أن أستكين بين دفتي كتاب وأنصت إلى بوح قديم وأعانق الأخيلة التي تغادر السطور لتحكي القصة الحقيقية وراء السطور. وخلف الأضلاع يخفق قلبي مجهدا ثم يصمت ثم يعود ليتحامل على نفسه ويرسل خفقتين ثم يتهاوى محدّقا بذرات الغبار الهامدة على أرفف الذكريات حيث الكل صورة لا تجيب والكل رسم ليس يرجع صدى.
لماذا الآن أشتاق؟ لماذا الآن يخنقني الخواء؟ لماذا الآن يضرمني الفقد؟ لماذا الآن؟
لست أدري، لكن ..

أبخير أنت؟