في رثـــاء الجــواهــري

إلى ذلكَ الدَوِيِّ الذي مُنذُ أن هدرَ لا يُريدُ أن يقُرَ ، إلى ذلكَ العِملاقِ الذي مُنذُ أنْ طاولَ السّماءَ عُلواً لا يُريدُ أنْ يُلامِسَ السّحاب ، وذلك الأشمّ الذي مُنذُ أنْ احتضَنَ الجبالَ شُموخاً لا يُريدُ أنْ يُصافحَ السُّهول ، إلى من عشقتُهُ صغيراً ، وتَغنيتُ به كبيراً ، إلى مَن أثّرَ فيَّ ذلك التأثيرَ الذي لا يُعادِلُهُ إلا تأثُري يومَ وفاتِهِ ، إليهِ أهدي هذهِ النَبَضَات :

عَـادَتْ إلـى ربِهَـا ريَّانـةَ الكَبِـدِ

نَفسٌ تأبَّتْ علـى الوَيـلاتِ والكمَـدِ
نَفسٌ تَصاغَرَ فيها الحُزنُ مَاعَرفَـتْ
غيرَ الصُمودِ ، فلم تَعبـا ولـم تَجِـدِ
تِسعُونَ عامـاً وآلافُ الجِـراحِ بِهـا
تَعدو ، فلم تُنقِصِ الآهـاتِ أو تَـزِدِ
حتى إذا نطحـتْ صَخـراً وأوهنَهـا
هذا النِّطاحُ تَولَّتْ عَن صَفـا صَلِـدِ
واستَسلمتْ هذه البَلوى ، وقدْ تركَـتْ
من خَلفِها في الوَغَى جَيشاً منَ الحسَدِ
واليومَ عادَتْ بذاك الجيـشِ غـارِزَةً
أسيافَهـا فـي جَبيـنٍ شَامِـخٍ جَلِـدِ
وأطفـأتْ بأكـفِّ الغَـدرِ جَـذوتَـهُ
فَخَرَّ كالطَّودِ لا يَلـوي علـى أحَـدِ
أبا فُراتٍ : وأمواجُ الفُـراتِ غَفَـتْ
حَتى استحالَتْ غُثاءً في ضحى الأحدِ
ودجلـةُ الخيـرِ قـد لاذَتْ برملتِهـا
جَنباً إلـى جَنـبِ نَخـلٍ لاذَ بالنُّجُـدِ
أين المُحيـي لهـا سَفحـاً ورابيـةً
وأينَ مَنْ فارقَ اليَنبوعَ وهوَ صَـدِي
وأين منهُ الشِّراعُ الرَّخصُ ، لو كفـنٌ
لـه يُحـاكُ ويُطـوى فيـه للبَـلَـدِ
حِيكَتْ لـهُ اليـومَ أكفـانٌ مُضَمّخَـة
بعِطرِ دِجلةَ ، مِن كَافورِهَـا الأبَـدِي
روحٌ إلـى الوطـنِ الغالِـي مُحلقـةٌ
وحُفرَةٌ حَظِيَتْ فـي الشّـامِ بالجَسَـدِ
يا شاعرَ العربِ الغافي : وهل سمعَتْ
أُذناكَ صَوتَ هَـزارٍ صَـادِحٍ غَـرِدِ
جاءتْ بهِ من رَوابي الرافديـنِ يـدٌ
واستَقبَلَتُهُ بـأرضِ الشّـامِ ألـفُ يَـدِ
لم يُلقِ يوماً عصى التَرحالِ مُذْ لبِسَتْ
منهُ الجَوانِـحُ أثوابـاً مـنَ الحَـرَدِ
ولا استقرَّتْ علـى مَرسـىً سَفائِنُـه
مُذْ ثَارَ بالأمسِ كَفَّـاهُ علـى الصَّفَـدِ
يوماً على ( براغَ ) في سبعٍ مُؤرّقَـةٍ
لمْ يُطفِئِ الثَلجُ ما ألقَتـهُ مـن وَقَـدِ
وتارةً في ( أثينـا ) قـدْ أضـرَّ بـهِ
ثِقْلُ التَغَرُّبِ عَن أهـلٍ وعـن بَلَـدِ
حتى إذا التاعَ قلبٌ واكتـوَتْ مُهَـجٌ
وعـادَ يَحمِـلُ آهـاتٍ بِـلا عَـدَدِ
ألقى على ( جِلَّقٍ ) رَحـلاً وراحِلَـةً
كَيمَا يُريـح بِهـا قَلبـاً إلـى الأبَـدِ
فـي ذمـةِ اللهِ يـا غيثـاً سَحائِبُـهُ
سَالَـتْ شِفَـاءً علـى حَـرَّانَ مُتَقِـدِ
( انَّا إلى اللهِ ) قَـولٌ نَستَعِيـنُ بِـهِ
على الرزَايا ، ففيـهِ رَاحَـةُ الجَسَـدِ
***
وهنا بصوتــي :

حياك الله شاعري ..
وحيا هذا الوفاء والنبل ..
أكرم بالماح وزالممدوح
وأكرم بهذا الحرف وصاحبه
نص جميل ووفاء أصيل
دمت متألقا

مودتي
فـي ذمـةِ اللهِ يـا غيثـاً سَحائِبُـهُ
سَالَـتْ شِفَـاءً علـى حَـرَّانَ مُتَقِـدِ
( انَّا إلى اللهِ ) قَـولٌ نَستَعِيـنُ بِـهِ
على الرزَايا ، ففيـهِ رَاحَـةُ الجَسَـدِ

اخى الحبيب زكي السالم

أكرم بك من شاعر وبالجواهري من شاعر رفيع بديع

ديدن الوفاء ديدنك

فأهلا ومحبا بك دوما

ولا استقرَّتْ علـى مَرسـىً سَفائِنُـه
مُذْ ثَارَ بالأمسِ كَفَّـاهُ علـى الصَّفَـدِ

وهنا بيت القصيد فمن يقرأ سيرة الجوارهري يعرفه

تحيتي لك

يا لك من شاعر
بورك نبضك ياصاحب الذائقة
شعر أقل مايقال عنه "إبداع "
رحلت بنا ونحن اللاهون الى حيث العمالقة
شكرا لك

شاعرنا المُجيد زكي السالم
أحسنت سبك هذه الرائعة
وقدّمت لونًا من القريض السامق في المدح
حُييت شاعرًا وبورك نبضك الألق
تقبل خالص الود

المبدع زكي السالم
ببراتعة حملتنا من أروقة المديح والتألق في ذكر مناقب شاعرنا العملاق"الجواهري" الى حيث نستيقظ على حقيقة رحيله وفاجعة فقد العربية علما شامخا امتلك ناصية الحرف وجذوة التهاب المعاني
ألقى على ( جِلَّقٍ ) رَحـلاً وراحِلَـةً
كَيمَا يُريـح بِهـا قَلبـاً إلـى الأبَـدِ
فـي ذمـةِ اللهِ يـا غيثـاً سَحائِبُـهُ
سَالَـتْ شِفَـاءً علـى حَـرَّانَ مُتَقِـدِ

رحمه الله وسائر من فقدت أمتنا
ومنّ على العربية بمن يملأ مقعدا في قافلة صونها شغر برحيله
دمت متالقا

الجواهري مدرسة شعرية في بلاغة الفن و أصالته
كان - بغض النظر عن توجهاته و انتمائه - ملهمي في بداياتي حتى عققته فيما بعد في محاولة رسم ملامح أرضية خاصة على خارطة الأدب
رحمه الله
ـــــــــــ
قصيدة رائعة من شاعر فذ
ولك الود كله

اخي الاستاذ الكريم جهاد .. شكرا لمرورك هنا
ولا ياديك البيضاء بتعليقك الضافي
تقبل مودتي وعذرا بحجم قلبك للتأخير في الرد

اخي الاستاذ الكريم جهاد .. شكرا لمرورك هنا
ولا ياديك البيضاء بتعليقك الضافي
تقبل مودتي وعذرا بحجم قلبك للتأخير في الرد

اليوم تمر الذكرى الثامنة عشرة لرحيل الجواهري

قصيدة محلّقة مترعة بالجمال

حفظكم الله ورحم الله الجواهري الشاعر الذي أحببت شعره كثيرا