أحدث المشاركات
صفحة 1 من 6 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 53

الموضوع: أنت ,وأنا ,ونحن

  1. #1

    افتراضي أنت ,وأنا ,ونحن


    أنتَ ,وأنا ,ونحن

    سلامٌ عليك يا أبي ,,, ويا جدّي,,, وكلّ أجدادي,, وجدّ أجدادي,
    سلامٌ عليك يا ولدي,, ويا حفيدي,, وكلّ أحفادي,,, وحفيد أحفادي,
    وسلامٌ عليَّ أنا, واقفةً في هذا الفضاء ,بين البدايةِ والنهاية, مشيرةً بيميني للأزليَّة, وبشمالي للأبديَّة ,
    مذهولةً, مأخوذةً بالدَّهشة,, مخفورةً بالحيرة,, محفوفةً بالتعجّب .
    كم تحيّرني,, وكم تدهشني,, كم تشغلُ أفكاري وتشاغلُني !!
    في كلِّ الأماكنِ أنت ,على الجبال ,على الهضاب ,في الوديان , في السهول وفي الحقول حيثُ مجدك يتجلَّى!!
    أقبضُ عليك بكفِّي ,أشمُّ رائحتك التي لا تشبهُ أيّة رائحةٍ أخرى , أُقلِّبُ ذرَّاتك ,أفركُها ,أُطلقُها في الهواء,وأُلاحقها بعينيَّ وعقلي وفكري !!
    فأرى أنَّك أنتَ أنتّ في كلِّ مكان,
    أنتَ نفسَك !
    نفسُ الشّكل ,,نفسُ الملامح ,,نفسُ المزاج ,
    واللون,, نفسه تقريباً.
    ولكنَّك تحملُ في قلبك كلّ المذاقات ,,وكلّ الألوان .
    فماذا هو أنت ؟؟
    /
    سلامٌ عليك هاجعاً, منبسطاً, حالماً, تستقبلُ الأمطارَ بملايين الأكفّ الصّغيرةِ المفتوحةِ أبداً لتتلقّى هبات السّماء .
    وسلامٌ عليك فاتحاً ملايين العيونِ الصّغيرة ,مرفرفاً بأهدابِها ,محدقاً بعيونِ الليلِ الحالمة,مستقطباً تبرَ النّجومِ وذرَّات الفضاء .
    سلامٌ عليك راقداً هادئاً تحت خيمةِ الظلام ,, تنظرُ للسماءِ بعينِك الكرويّةِ الهائلة, وتنظرُ إليكَ السّماءُ بملايين العيونِِِ الذَّهبيّة ,حتى إذا ما اختمرت فكرتاكما ,, فتحتَ قلبَكَ لاستقبال العناصر, بكلِّ سكينةٍ وغموض .
    سلامٌ عليك ناظراً بقوةٍ للعينِ السَّاطعة, التي هي حبيبتُك وشقيقةُ عشقكَ الأبديّ.
    سلامٌ عليك منبسطاً وادعاً,, حاملاً على صدرِك صخوراً صلدة, وحجارةً باردة, ليس لعددها رقم, ولا لنهايتها نهاية,
    وحاملاً على ظهرك المساكنَ والابراجَ والبنايات والبيوت والنَّاس .
    سلامُ عليك متمسِّكا بجذورِ الأشجار ,قابضاً عليها بالنواجذ, مقدماً لها كلِّ ما في قلبك من خيرٍ وعطاء.
    سلامٌ عليك خاضعاً منبسطاً تحت أقدامِ البشر, تدوسُ هامتَك التي هي رفاتُ البشر, فلا هي تُحسُّ بخطيئتِها ,,ولا أنتَ تشتكي .
    سلامٌ عليك حاملاً مصابيحَ الشمس وفوانيسَها , معلناً سرّ النّمو ,ساتراً سرّ الاضمحلال الذي يتلاشى ,,ولا يزولُ أبداً !
    مستقلباً كلّ موجود, مبتلعاً أجسادَ البشر, باعثاًً للأرواحِ الجديدة أجساداً جديدة.
    كم رائعٌ أنت , حيث ترتفعُ رَطباً مطواعاً, وتنخفضُ بارداً منعشاً بين سواعدِ الفلاحين, حين يطلبونك للعمل والإنتاج.
    كم جميلٌ أنت, حيث تحتضنُ البذورَ وتمنحُها الحياة,,, ثمَّ تُطلقُها خضراءَ يانعةً مبشرةً بالطيبات .
    وحيث تكوِّن من روحِك الغابات الشاسعةٌ, التي تسبِّح الله ليلَ نهار ,والتي تنفث سرَّ الحياة في هذا الفضاء .
    وسلامٌ عليك تجنُّ ما جنَّ الرِّيح,, وتندفعُ للأعلى حتى تناطحَ أجوازَ السّماء ,
    موغلاً في الأفقِ, مغيراً لونَه, حائراً, مجنوناً, ناسياً أنّك عائدٌ لمهدك الخفيض ولو بعد حين ,
    متناسياً أنَّ الريحَ التي تعلو بك وتعلو, وتعلو,,, ما هي سوى أجنحةٍ سوف تعيدُك بنفسها للأرض كما رفعَتك عنها .
    كم جميلٌ أنت ورائع, حين تندحر أمام المياه التي تجري بكَ أنهاراً, ثم تقف على الجنبين محنيَّ الهامات, ممدودَ الأعناق, محملقَ العيون,
    مستمتعاً بجمالها, مستمعاً لألحانها ,هديرِها ,وشوشاتِها ,لثغاتِها أحياناً ,مبهوراً بزخمها, مسحوراً ببريقها تحت الشمس .
    كم لينٌ أنت عندما تفسح المجالات للجداول والسواقي لتخترق جسدك, وتتشابك عبره كما تتشابك الأوردة والشرايين في أجسام البشر .
    /
    بنو آدم,, والحيوان, والنبات, وكل ما هو حيٌ يسعى, جاءَ منك, وعاشَ من خيرك, وسيعودُ إليك, ليكونَ غذاءً بعدها لمن سيأتي.
    كلُّنا بذور ,,وأنتَ الحاضنةِ الدافئةِ التي تَحِنُّ علينا, وترضعنا الحياة من المهدِ إلى اللحد.
    أنت البداية, وأنت النهاية,وأنت الفسحة التي بينهما .
    أنت نهاية كلِّ شيءٍ, وليس لنهايتِك ملامح .
    أنت التُّراب ,,الذي يصفُك الإنسانُ فيقول ((رخيصٌ كالتُّراب ))
    وهذا يعني,, أنَّك أيُّها الأصلُ والغالي ,أيَّها الثّمينُ النفيس ,الذي تعطينا الغذاءَ والدواءَ والسُكنى,
    والملحَ القادم من طيات الصُّخور التي أنت حاملها ,
    والمياه القادمة من الأعماق التي أنت حاميها ,
    رخيصٌ بخسٌ لا قيمة له,
    ناسياً أنَّه أنت ,وأنَّك هو !!
    ماذا لو اختفيتَ يوما أيُّها الكثير (أقصدُ الرَّخيص)؟؟
    ماذا لو أضحت الأرضُ كرةً زجاجيةً ملساء ؟؟
    /
    أيُّها الإنسان
    كم أنت أحمق
    وكم أنا حمقاء
    وكم نحن حمقى

    ماسة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




  2. #2

    افتراضي

    رائعة أنت أيتها الماسة لله درّك ما أعقلك ، كتبتِ فأبدعتِ ، فكرة ومضموناً ، وأسلوباً ......أحيّيك كما دوماً

    وأنا أقرأ نصك الرائع هذا تذكرت قولَ النابغة الذبياني :

    حَسْبُ الْخَلِيلَيْنِ أَنَّ الأَرْضَ بَيْنَهُمَا ...هَذَا عَلَيْهَا، وَهَذَا تَحْتَهَا بَالِي

    وقول المتنبي :

    يُدَفِّنُ بَعْضُنَا بَعْضًا وَتَمْشِي ...أَوَاخِرُنَا عَلَى هَامِ الأَوَالِي!

    ثم قول شيخ المعرة ، أبي العلاء :

    صَاحِ هَذِي قُبُورُنا تَمْلَأُ الرّحْ ...بَ فَأَيْنَ القُبُورُ مِنْ عَهْدِ عَادِ
    خَفِّفِ الوَطْءَ مَا أَظُنُّ أَدِيمَ الْ ...أَرْضِ إِلاَّ مِنْ هَذِهِ الأَجْسَادِ
    وَقَبِيحٌ بِنَا وَإِنْ قَدُمَ العَهْ ....دُ هَوَانُ الآبَاءِ وَالأَجْدَادِ
    سِرْ إِنِ اسْطَعْتَ فِي الْهَوَاءِ رُوَيْدًا ....لاَ اخْتِيَالاً عَلَى رُفَاتِ العِبَادِ
    رُبَّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْدًا مِرَارًا ....ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُمِ الأَضْدَادِ
    وَدَفِينٍ عَلَى بَقَايَا دَفِينٍ ....فِي طَوِيلِ الأَزْمَانِ وَالآبَادِ



    دمت عاقلةً راشدة

    وللتثبيت استحقاقاً وتقديراً

    تحياتي وخالص الود
    أنــــا لا أعترض إذاً أنا موجود ....!!

  3. #3

    افتراضي

    نص رائع
    راقي
    وسامق
    سيدتي
    ابدعتي
    كم أمتعتني قرائتي هنا
    كل تقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4

    افتراضي

    لك بصمة مائزة من ماس أعرفها وإن غاب عنها توقيعك ماسة
    أحتاج لزيارات كثيرة لأنهل من ألق المعاني
    سلمت اليراع والروح
    ودام لك هذا العقل الرشيد
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5

    افتراضي

    **(( ... وسلامٌ على بريقِ ماساتِ القلبِ ، ورائعاتِ أضواء الفِكَر ،
    تتلألأ في اقتناصها لكلّ ما يبهج الروح تمكيناً ، وزلفى لما يجعل مسرح الوجود
    حقّ اليقين في وصف تجلّياته ، معرفة بخفاياه وما ألقت به على كاهل الحياة الرتيب ،
    باقاتُ إعجابٍ وتحايا أرقّ من رحيق الياسمين أديبة الواحة الرائعة ، مع التقدير ))**

  6. #6
    الصورة الرمزية عبد السلام هلالي
    أديب
    تاريخ التسجيل: Sep 2012
    الدولة: المغرب
    العمر: 44
    عدد المشاركات: 983
    :عدد المواضيع 44
    :عدد الردود
    المعدل اليومي 0.20

    افتراضي

    كنت هنا من أول وهلة فوالله ما أخرني عن الحضور إلا القراءة تلو القراءة ولم أكتف بعد،
    أي قلم هذا وأي حرف أي إحساس ثم أي عقل وأية حكمة!
    على ماذا أثني ؟ على اللغة والابداع أم على الأسلوب والامتاع؟ أم على الفكرة والحكمة؟
    بسيطة هي كلماتك كالتراب، كبيرة هي كنفعه. شكرا لك أيتها الماسة.
    اللهم اهدنا إلى ماتحبه وترضاه

  7. #7

    افتراضي

    صورة نموذجية رائعة لـ (إنسان) فهم وجوده على الأرض يستقبل الخيرات بامتنان و ثناء لمستحقها . كل الشكر المبدعة "ماسة" ذات الحرف المتدفق . دمتِ بخير .تحياتي.

  8. #8
    الصورة الرمزية وليد عارف الرشيد
    شاعر
    تاريخ التسجيل: Dec 2011
    الدولة: سورية
    العمر: 62
    عدد المشاركات: 6,280
    :عدد المواضيع 88
    :عدد الردود
    المعدل اليومي 1.23

    افتراضي

    من أروع ما قرأت في العلاقة التي لا نقدرها حق قدرها مع الأرض والتراب ولا شك فهي بالضرورة العلاقة مع الوطن والحاضن
    بكل تميز واقتدار ولغة صادقة عرفت كيف تجد لها موقعًا في القلوب بسلاسة الحرف وبجمال المعالجة وأنيق اللغة .. قدمت نثرية فاخرة راقية
    مبدعتنا الماسة الواحية : تقبلي مروري الفقير أمام ثراء نصك الرائع
    وتقبلي مودتي وكثير تقديري

  9. #9

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمه عبد القادر مشاهدة المشاركة

    أنتَ ,وأنا ,ونحن

    أنت التُّراب ,,الذي يصفُك الإنسانُ فيقول ((رخيصٌ كالتُّراب ))
    وهذا يعني,, أنَّك أيُّها الأصلُ والغالي ,أيَّها الثّمينُ النفيس ,الذي تعطينا الغذاءَ والدواءَ والسُكنى,
    والملحَ القادم من طيات الصُّخور التي أنت حاملها ,
    والمياه القادمة من الأعماق التي أنت حاميها ,
    رخيصٌ بخسٌ لا قيمة له,
    ناسياً أنَّه أنت ,وأنَّك هو !!
    ماذا لو اختفيتَ يوما أيُّها الكثير (أقصدُ الرَّخيص)؟؟
    ماذا لو أضحت الأرضُ كرةً زجاجيةً ملساء ؟؟
    /
    أيُّها الإنسان
    كم أنت أحمق
    وكم أنا حمقاء
    وكم نحن حمقى

    ماسة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    متأكدة من مروري هنا و من تعليقي الذي خطته يدي ،لكن عجبا أين اختفى تعليقي ؟
    حين مررت من هنا ، لم أستطع المغادرة ، فقلت في نفسي أني سأعود مرة و اثنتين و ثلاث .
    و ها قد عدت ، لم أجد تعليقي لكني استمتعت مرة أخرى بما قرأته هنا فكرا و لغة .
    أسلوب جذاب استطاع أن يشد انتباهي من أول كلمة ، و فكرة عميقة حملها النص .
    أستاذتي الفاضلة تحية من الأعماق لك بحجم ما يحمله النص من جمال .



  10. #10

    افتراضي

    هي العلاقة التي تربط الفرع بالأصل... ولولا الأصل وإغداقه دون مَنّ أو أذى على فروعه بأغصانها المتنوّعة والمتعدّدة لجحدت الفروع قيمته وتباهت بماهيّتها...
    وهذا يعني,, أنَّك أيُّها الأصلُ والغالي ,أيَّها الثّمينُ النفيس ,الذي تعطينا الغذاءَ والدواءَ والسُكنى,
    والملحَ القادم من طيات الصُّخور التي أنت حاملها ,
    والمياه القادمة من الأعماق التي أنت حاميها ,
    رخيصٌ بخسٌ لا قيمة له,
    ناسياً أنَّه أنت ,وأنَّك هو !!
    ولو تناست الفروع وقيّمته بالرّخيص، يظلّ الغالي الخيّر الكريم ولا يأبه لكل التّرهات ... إنّه الوطن بشموخه
    نثر قلمك دررا عزيزتي الأخت فاطمة
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

صفحة 1 من 6 123456 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. وأنا السّجين وأنا السّجان
    بواسطة جهاد بدران في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 28-12-2024, 06:43 AM
  2. هل أنتِ أنتِ ---- أم أنا أنتِ
    بواسطة فيصل القاسمي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 18-01-2018, 11:12 AM
  3. أنت كمشروط..وأنا كما أراك
    بواسطة سعيد بودبوز في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 28-10-2012, 12:04 AM
  4. أنتِ وأنا
    بواسطة حامد أبوطلعة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 25-08-2008, 04:25 PM
  5. القران الكريم أنصف العرب في فهمهم للشعر ونحن انتقصنا فهمهم
    بواسطة محمود مرعي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 27-01-2005, 09:43 PM