حَلَبٌ دَميْ وهُناكَ في حَلبٍ دَمُ
سفَّاحُها يسبي النساء ويهدمُ
قدْ ألبَسوا وجهَ الحواريْ دمْعَهَا
فالدُّورُ ثَكْلى والمنازلُ تلطِمُ
حتَّى إذا نامَ المُلوكُ وتَمْتَموا
راحَ العدوُّ على الزِّقاقِ يُتمْتِمُ
لا يسْتوي الخَصْمانِ هَذا حالمٌ
يغْفو وذاكَ على العِراكِ مُصَمِمُ
لا يسْتوي الجيْشانِ في سَاحاتِها
إنْ كانَ بينَ النَّاسِ مَنْ لا يَحسِمُ
تبني الشُّعوبُ بيوتَها مِنْ عزَّةٍ
ويجيءُ حفَّارُ القُبورِ فيهدمُ
سُحقًا لها مِنْ دولةٍ لا تسْتحي
عزّ الدَّخيلُ بها وذلَّ الأكْرمُ
لانعدمُ الشُّرفاءَ إلاَّ أنَّنا
مِن هوْلِ مأسَاةِ العُروبة نَشتمُ
هَذي مساكنُ أهلِنا في الشَّام قَدْ
الْوَى بِها ليلٌ عتيٌ أسْحمُ
لمْ تَترُكِ الأحداثُ فيها مَوْضعًا
إلاَّ وعمَّ البأسُ فيهمْ فارتَموا
سدُّوا على أحلامِهمْ أبوابَهمْ
وأتوا عليها دارعينَ فأجْرموا
لمْ يَسلكوا دربًا مخافةَ حاكمٍ
إلاَّ ودربُ الموتِ منْهمْ يَغْنمُ
هَذي نُفوسُ الأبرياءِ أمامَنا
بينَ الكنائسِ والمساجدِ تُعدَمُ
من ليْ بوجهٍ يُعربيٍّ غاضبٍ
فيهِ البُطولاتُ الَّتي نتوسَّمُ
أينَ المَسيحيُّ الذَّي في بابِها
صَلَّى المساءَ وأينَ أينَ المُسْلِمُ
أينَ الأُلى كَانوا عَلى أبوابِها
أُسْدَ الشَّرى والقائِدونَ هُمُ هُمُ
أينَ الذينَ إذا اصطلاهمْ غاشِمٌ
لبِسوا الدُّروعَ تهيؤا وتقدَّموا
أينَ الذينَ لَها إذا اغتصَبَ العِدى
أُختًا فثارَ لحقِّها المُستَعْصِمُ
للهِ دَرُّ الضَّارعينَ ببابهِ
لمْ يَيْأسوا يومًا ولمْ يسْتسْلِموا
جئنا أيا أللهُ مِنْ أرْواحِنا
فارحمْ عبادًا حقُّهمْ أنْ يُرحَموا
يَجثو على أعْمارِهم قُطْبُ الرَّحى
أنيابَ قارعةٍ تَعُمُّ وتَحطِمُ
لمْ نُدركِ المأساةَ في حُكَّامِنا
إذْ أنْ أكْثرَهُمْ خبيثٌ أرْقمُ
لا تسلمُ الأوطانُ مِنْ أعدَائِها
حتَّى نَرى العُملاءَ فيها تُعدمُ