(( سوقُ الحب ))

________

نزلْتُ سوقَ الهوى والعشقِِ أمتارُ ألفيْتُهُ مُوحِشـًا ما فيهِ ديــَّــارُ
إلا شواهدَ للأجْداثِ شاخصةً كلافتاتٍ .. بها للحبِّ أسرارُ
فهذهِ امرأةٌ ماتتْ بحسرتِها فالحبُّ ألهَى فتاها واللظى جارُ
قد طاوعَتْ سحرَهُ حتى قضى وطرًا وفرَّ تاركـَـها والقومُ أبصارُ
وحاولــَتْ عبَثـًا تُخفي جريمتَها حتى قضَتْ نحبَها والموتُ ستــَّــارُ
وذانِ زوجانِ لم يـُـكـْمَلْ زفافُهُما يالهْفَ نفسي لم يمهلْهُمَا الثارُ
كان ابنُ عمٍّ لها قد رامَ خطبتَها ولم تردْهُ وهذا عندهم عارُ
دارتْ معاركُ بين الأهلِ واشتعلتْ في الحيِّ نارٌ وفي قلب الفتى نارُ
خافت على إلفها أن يقتلوهُ إذا ما أظهرتْ أمرَها والحقدُ بتَّارُ
وإذ رأتْ فرصةً فرَّتْ برفقتهِ إلى بلادٍ لها مرسىً وإبحارُ
وأيْنَعَ الحبُّ وازدانتْ أزاهرُهُ وفاحَ عطرًا وبانتْ منه أثمارُ
وهيَّــآ لزفاف العمر وانطلقتْ أحلى الزغاريدِ .. إنا اليومَ أحرارُ
لقد كتمْنا الهوى جمرًا يُحرِّقُنا حينًا من الدهرِ إذ حاطتْهُ أخطارُ
وبينما العرسُ في أحلى مشاهدهِ والكل نشوانُ والأنوارُ أقمارُ
إذا زئيرُ رَصاصِ الحقدِ يسكتهم فلا غناءٌ ولا عودٌ ومزمارُ
مات الحبيبان في أوْج احتفالهما كأنما العشقُ للعشاق نحَّارُ
وللمقاديرِ في تصريفها عجبٌ لولا اصطبارٌ وإيرادٌ وإصدارُ
وهذهِ آنسٌ كانت إذا بكرتْ إلى دراستها فالكل أنظارُ
تتوهُ في سحرها الألبابُ معجبةً من أي حسنٍ يفيض السحرُ ؟ تحتارُ
تمشي فتخلع قلبَ الصخرِ من ولـَهٍ كأنها عندما تختالُ إعصارُ
كانتْ تُكَتِّمُ حبـًّا لم تبُحْ أبدًا بهِ إباءً فإن الحبَّ ثرثارُ
تُوُفِّيَ الأبُ عن دينٍ وعائلةٍ من ذا يعول ؟ وهم أنثى وأغرارُ
وجاءها خاطبًا هذا الذي حلمتْ به السنينَ ولم تبردْ لها نارُ
لكنَّها رفضتْ والحبُّ قاتلها والشمسُ قد غربتْ والدمعُ مدرارُ
وخانها العمرُ والإعسارُ فانحدرتْ حسنى الحسانِ فماتتْ وهْيَ آثارُ
كم عيروها وما يدرون ما فعلتْ وكيف كانتْ جفاها الأهل والجارُ
حتى الألى شقيَتْ من أجلهم ردحا قد أنكروها وشأنُ الناسِ إنكارُ
وأجهشَ اليومُ يبكي الأمسَ في شجنٍ وكدتُ لولا مزيدِ الصبر أنهارُ
وفي نهايةِ سوق الحبِّ لافتةٌ سوداءُ حمراءُ للعشاقِ إنذارُ
تقول في زفرة الملهوفِ ياولدي بنفسك انجُ فإن الحبَّ جبارُ
وهالني السوقُ والأحبابُ قد رقدوا وآثروا الصمتَ ما احتجُّوا ولا ثاروا
وعدتُ أسأل نفسي بل أسائلها ألم تكن غايتي سوقٌ وتجارُ؟
غيدٌ حسانٌ يبعْنَ الحبَّ مختلفًَا ألوانهُ .. فهْوَ أذواقٌ وأسعارُ
ماذا وجدنا بسوق الحب ؟ مقبرةً؟! غضَّتْ.. ولم تشكُ من سكَّانِها الدارُ


هشام 1998