إلى من كان صديقي


إذنْ فلنمــضِ وليكــنْ الفـــراقُ
فإنــــك لا تُشّـــــَمُ ولا تـــــذاق
فـــلا غصن اللقاء بــه اخضرار
ولا فجـــر الكلام لــــه انبثاق
حملتكَ فــي دمــي وجعـاً ثقيلاً
فكـأسي فــي مرارتــه دِهاق !
وقلــتُ أُكتّــمُ الآهــاتِ صبــراً
وأحبسهــا وإن ضــاق الخنــاق
وكم عاندتُ حين أراك خطوي
وكم رجفت لنا كف ٌ وساقُ
وكــم جــاوزتَ ثالثــة الأثافـي
فقلت لعله الزمن المحاق
لعــلّ الشعر يطلقنا حماماً
ويُنصَــبُ للإخــاء لنـــا رواق
لعلــكَ يــا صديق العمــر تغدو
صديقــي حين صدّعنا الشقاق !
ومــا أدري بأنـــك " مثنـوي "
تسوق لنـا وتأخذ مــا يُساق !!
وتشرب مــن إناء أخيك صفواً
وتكســـره فــــأيُّ دمٍ يُـــراق !؟
لبستك فــي الشتاء فكنتَ صيفاً
وكنــتَ كمــا عهدتك لا تطاق !
إذن فلنفتــرق ولنمـــض كـــلٌ
لغايتـــــه فيكتمـــــلَ السِّيـــــاق
ويمســـحَ بعضنــا آثــارَ بعض
فلا غضبٌ يضج ولا شقاقُ
ووهــمٌ مازعمــت فــلا سيوفٌ
تصول بهـــا ولا خيــــلٌ عِتـــاق
ولا عض الرفاق عليك كفًا
ولم يقرأ ( روائعَك ) الرفاق
مروءتك التـــي راهنتُ يومًـــا
عليهــا دونهـــا السَّبــع الطباق !
فإن وليــتَ شطـر الشام وجهًا
فإنــي قــد قصدتّـك يـــا عــراق
وإن واثقــت فـــي بغداد خِــلاً
ففـي " عمــان " قد حـلّ الوثاق
وإن واثقتني في القدس يوماً
ففـــي عمــان قد حل الوثاقُ
وإن كان الجناس لديك أولـــى
فــإن غـــرام قافيتـــي الطبـــاق
فمــاذا قد تركــت لنــا لنحكـي
ولا بــوحٌ لديــــك ولا اشتيـــاق
ومـــا لحديثنا المكـــرور عطـرٌ
ولا لصبـــاح قهوتنـــا مــذاق
تدب سلاحــف الكلمــات فينـا
ويركـــض فـــي ملامحنا النفاق
إذا صــار العنـاق هشيم روح
فــلا كــان اللقاء ولا العنـــاق