حين كنت هناك بعيداً عن الأحباب والأهل والوطن ... كانت هذه القصيدة ..
تطاولَ هذا الليلُ حتى كأنَّه
وخيّم بالأحزانِ حولي كأنما
قضى اللهُ ألا تستنيرَ كواكبُه
وأظلمت الآفاقُ حتى تسربلتْ
بسربالِِ همٍّ شاكياتٍ جوانبُه
وحاصرني حزني بأغلالِ همّه
وجيشٍ من الأهوال مُدت كتائبُه
أحاطت بي الأشجانُ من كل جانبٍ
كأني غريقٌ وسطَ بحر أغالبُه
وضاقت بي الأرضُ الفسيحةُ بعدما
سقتني زلالَ الكأسِ فيها سحائبُه
تنفستُ من سَمِ الخياطِ وليلتي
تطولُ وآيَ الليل يتلوه راهبُه
شرقتُ بآلامي ، خُنقتُ بعبرتي
وأرسلتُ طرفي نحو نجمٍ أراقبُه
فما زال بي تَــذكار أهلي وموطني
إلى أن برتني بالهموم عواقبُه
تلفتّ لم أبصْر أنيساً أبثُه
همومي ولم أبصر خليلا أخاطبُه
وناديتُ لكنْ من يردُ ومن يعي
ندائي وهذا الليل يسودُّ جانبُه
فأطرقتُ أشكو للإله وأشتكي
همومي فما عادت لقلبي مطالبُه
وأيقنتُ أني لا محالةَ راحلٌ
بعيدٌ وقد تدنو لصبٍّ مآربـُه
وأيقنتُ أن الله يرعى عبادَه
على أي أرضٍ شع فيها مذاهبُه
تذكرتُ أحبابي فهاجتْ صبابتي
وسارتْ بليلٍ دامساتٍ غياهبُه
أحنُّ فتطوي البيدَ تسري بمهمهٍ
إلى كل محبوب إليّ أصاحبُـــه
وما كنت أشكو البعدَ لولا محبتي
وما كنت أشكو الليل لولا مثالبُه
وما كنت أشكو من ظلامٍ بغربةٍ
نأتْ بي ولكنّي دهتني نوائبُه
حنيني إلى الأوطانِ يحيي مشاعري
وتُذكي تراتيلَ الفؤادِ ملاعبـُه
فكم عشقتْ روحي جمالَ ربوعِه
فيا ليت قلبي بالوصال يداعبه
ويا ليت أنّي في بلاد أحبتي
أعود فيلقاني من السعد موكبُه
سلامٌ على أرضي وحبي وموطني
سلامٌ يصوغ الحبَ في اللوحِ كاتبُه
وضمّنت شعري قولَ بشارَ علّها
تعود وترسو في الفؤادِ قواربه
أقولُ وفي نأيي عن الأهل لوعةٌ :
تصبر " وأي الناس تصفو مشاربه "
[/gasida][/gasida][/gasida]