بسم الله الرحمن الرحيم

لُكِلُّ دُمُوعٍ في مَحَاجِرِهَا عُذْرُ
وَما لِدِمُوعِ العَينِ نَهْيٌ وَلا زَجْرُ
تُغَالِبُ دَمْعُي حَمْأَةٌ مِنْ تَجَلِّدٍ
أَزَاجِرَةَ الدَّمَعَاتِ ألوَى بِيَ القَهْرُ
دَعِي مُزْنَةَ الأَجْفَانِ تَنْهَلُّ كُلَّما
تَرَاءََتْ قِفَارُ الحُزْنِ أعْشَبَها القَطْرُ
سَوَاجِمُ لا يَرْقَا إلى العَيْنِ جَمْرُهُا
تَشُقُّ حُبَابَ الخَدِّ مِنْ بَعْدِهِ النَّحْرُ
أَزَاجِرَةٌ ! وَالحُزْنُ بِالحُزْنِ طَارِقٌ
يَفُلُّ شَبَاةَ الصَّبْرِ إِذْ عَجِزَ الصَّبْرُ
تَدَافَعَ دَمْعُ العَينِ فَارّْفَضَّ مُبْدِياً
حَنَيْنِيْ وَسِرُّ الحُبِّ لَيْسَ لَهُ سِتْرُ
عَلائِقُ في قَلْبِي مِنَ الحُبِ غَضْةٌ
على العَهْدِ مَا أقْوَى مَعَالِمَهَا الدَّهْرُ
وَفي العَينِ مِنْ كَأْسِ الغَرَامِ سُلافَةٌ
تَلأَلأُ في الأَحْدَاقِ لَيْسَ لَهَا نُكْرُ
وتلك ذرى الأفنان والجذع ضاربٌ
على القاع من قلبي ورافده الفكرُ
لِظَبْيَةِ آرامٍ ضُحَىَ الْحُسْنِ نُوْرُهَا
وَرَابِعَةُ الآمَالِ فِي وَجْهِهِا الثَّغْرُ
تَرُفُّ كَوَرْقَاءٍ عَلى الغُصْنِ إِنْ شَدَتْ
تَثَنَّتْ لَهَا البَيْدَاءُ وَاْعْشَوْشَبَ الصَّخْرُ
وسَاجِعَةُ الأَفْنَانِ , مُذْهِبَةُ الكَرَى
وَمُلْهِبَةُ الأَحْشَاءِ , أَهْدَابُهَا فُتْرُ
تَنُوْحُ وَأَسْرَابٌ مِنَ الطَّيْرِ غَرَّدَتْ
لِمَنْطِقِهَا نَشْوَى كأَنَّ بِها السُّكْرُ
عَلَيْهَا بِأَطْرَافِ العُيُوُنِ مَدَامِعٌ
بِهَا تَنْثُر الآجَال ما البِيْضُ ما السُّمْرُ!
عَقِيْلَةُ أَسْيَادٍ إذا افّْتَرَّ ثَغْرُها
فَعَسْجَدُ مَرْقُوْمٌ بأَحْشَائِهِ الدُّرُّ
وَنَاعِسُ طَرْفٍ ما اسْتَفَاقَتْ لِحَاظُهَا
يُنَدِّيْ عُقُوْدَ الْمَاسِ مِنْ عَيْنِهَا الذُّعْرُ
تَبَدَّتْ بِأَخْيَاسٍ تَرَاءَتْ أُسُوْدُهَا
كَمَا البَوِّ أشْبَاهَاً عَزَائِمُهُمْ بُتْرُ
فَمَالَتْ إلى لَيْثٍ فَتِيٍّ إذا احْتَمَى
مِنَ النَّصْلِ مُدَّرِعٌ فَحَيْزُومُهُ السِّتْرُ
تَعَالَتْ حَوَاشِيْ الرُّوْحِ لِلْنَجْمِ طُوَّلاً
فَمَنْزِلُهُ الغَبْرَاءُ هَامَتُهُ الغَفْرُ
لَهُ شُرْفَةُ الأَمْجَادِ قَدْ جَازَ دَرْبَها
تَوَسَّدَها عَذْرَاء تُرْبَتُها بِكْرُ
نَدِيٌّ بِتَجْوَابِ السُّؤَالِ نَوَالُهُ
كَدِيْمَةِ رَجَّاسٍ طَلائِعُهُ حُمْرُ
رَحَيْمٌ بِذِيْ الأوْصَابِ شَهْمٌ إذا احْتَمَى
بِأَكْنَافِهِ المَظْلُوْمُ هَاجَ بِهِ الوِتْرُ
تَهَادَتْ بِتَحْنانٍ تُثَنِّي قَوَامَها
كَعَارِيَةِ الأَقْدَامِ أَلْهَبَهَا الجَمْرُ
بِأَبْيَض مَصْقُوْلٍ مِنَ الحُسْنِ جِيْدُهُ
كَأَنَّ تُرَابَ الأَرْضِ مِنْ خَطْوِهَا تِبْرُ
تُطَالُعِني وَلْهَى وَتُطْرِقُ هَيْبَةً
كَنَاظِرِ غَيْمٍ والرُّعُودُ لَها زَجْرُ
تَجُرُّ خِمَارَ الليلِ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا
وَتَحْتَ خِمَارِ الليْلِ يَأْتَلِقُ البَدْرُ
فَمَا إِنْ تَجَلَّى في الدُّجُنَّةِ وَجْهُهَا
تَلأْلأَ مِنْ حُسْنٍ وَشَعَّ بِهِ الفَجْرُ
عَييتُ بِأَن أَقْضِي اللُبَانَةَ إِنْ بَدَتْ
تَحَيْرَتِ الأَنْظَارُ سَارَقَنِيْ الدَّهْرُ
تَقَضَّتْ بِيَ السَّاعَاتُ مَا اْجتَزتُ طَرْفَهَا
لَعَمْرُكَ ما يَقْضِي بِنَاظِرهِ الثَّغْرُ!
فََأَمْسَكْتُ عَنْها بِالحِجَا غَيْرَ أنَّنِي
بأدعجَ أُمْلُودٍِ يُفَارِقُنِي الفِكْرُ
وَمَرَّتْ عِجَافُ البَيْنِ عَشْرَاً وَأَقْفَرَتْ
رَوَابٍ بِلُقْيِاها مَرَابِعُهَا خُضْرُ
تَمَنَّعْتُ عَنْ دَرِبِ الصِّبَا وَزَوَاجِرِي
رَوَاعٍ عَلى فَوَدي أَخَالُهُمُ المُجْرُ
وَأَزْمَعْتُ وَالذِّكْرَى على الرُّشْدِ سَاعَةً
فَإِذْ بِعَوَادِي الحُبِ شِيْمَتُهَا الغَدْرُ
فَأَوْقَدْتُ مِنْ نَارِ الغَرَامَ عَظَائِمَاً
وَأَشْرَعْتُ أَبْوَابَاً تَمَادَى بِهَا الهَجْرُ
فَكُانَتْ لِيَ الذِّكْرَى وَصَبْرِي وَمُنْيَتِي
أَثَافٍ عليها القلب وَالظَّبْيَةُ الجَمْرُ
فَتِلْكَ شِكَاتي هَلْ رَأى الدَّهْرُ مِثْلَهَا
دَعُوا عَذْلَةَ المُشْتَاقِ ما اْعْتَلَجَ الصَّدْرُ!



علي المطيري

7/3/1426