عُذرا لِجَفنٍ بأوجاعِ الهَوى دَمَعا
فأعقَبَ الدّاءَ والإعياءَ والوَجَعا
وهيَّجَ الهمَّ والأحزانَ في كَبِدي
وأورَثَ الغَمَّ والأسقامَ والجَزَعا
عُذراً لِصاحِبَةِ الأخلاقِ أبسُطُهُ
لَعلّ عَقلَكِ ساغَ العُذرَ واقتَنَعا
وعَلَّ حِلمَك بعد اليوم يَشفَعُ لي
وعلّ قلبَك بعد العُذر قد شَفَعا
فربما عذَرَ المحبوب واتِرَهُ
وربما صفح المغبون وارتَجَعا
إني اقترَفت حَديثا ما عَنَيتُ به
ففاقَ خَرقِيَ حَدَّ الرَّتقٍ واتَّسَعا
فَلتستُريني بِحقِّ الله يا كَبِدي
إني افتُضِحتُ فَخيطي حَولِيَ الرُّقَعا
حتى أتيتك حبلُ العَفو يُسعِفُني
أرجو النَّجاةَ وجيدُ الحُبِّ قد خَضَعا
قارَفتُ ذَنباً أرانِي قد صُرِعتُ بِهِ
وعُقدَةُ الذّنبِ تُبدي المَسَّ والصَّرَعا
كأنّ دمعَكِ إذ أجرى غَدائره
على الخُدودِ أماتَ القلب واقتَلَعَا
يا ذلك الجفنُ قد قطّعتَني إرَباً
يا ذلك الدّمع قد مَزَّقتَني مِزَعا
نَعاكِ قلبي بخير الذِّكريات صَدىً
فيا لتَعسِكِ إن قلبُ المُحِبِّ نَعا
فصار منك كسيراً لا شِفاءَ له
فمن يهيضُ عِظاما فتِّتت وَلَعا
فليتَنا (رَتَماً) في الصَخر نابتةً
وليتنا حَجَلاً نطوي القفارَ مَعَاً
رَضيتُ منك بِحُكم الودِّ يُنزِلُهُ
ما كنتُ ممن جَفاني حُكمه جَزِعا
للوُدِّ في القلب تَفريجٌ وتَسريةٌ
لَهُ به وَلَهٌ يُسليهِ مُنتَجِعا
رباهُ في دَعَةٍ مني الجَوى وحَنَى
غَذَّاهُ في كَلَفٍ مني الحَشا وَ رَعا
زهدتُّ بادِيَ أمري عن غَنائِمِهِ
وكنتُ يومها في أمره وَرِعا
ما زُلت أبحَثُ في الأنحاء مُضطَّرِباً
حتى ظَفَرتُ بحبِّ الأرضِ مُجتَمِعا
شربتُ حُبَّكِ في نيسانَ عن عَطَشٍ
فخالَطَ العَظمَ حتى اخضَلَّ وانتَقَعا
عَبَبتُ منهُ فما استَوعَبتُ سائِلَهُ
لو كنتِ أسقَيتِني من كَأسِهِ جُرَعا
فإني اليوم مَتخومٌ بمَحمَلِهِ
حتّى الثُّمالَةَ أبلى الرُّوحَ وانتَزَعا
يُرضيك قولٌ وإن ساءَتكِ غائِلَةٌ
وقلما أثَرٌ مثلَ الرِّضا نَفَعا
فَلتَرعَوي عن حَديثٍ فيهِ مَعتَبَةٌ
إن الحبيبِ إذا قيلَ ارعَوي سَمِعا