هي ..هو و الحبّ ثالثهما .

هِيَ: شَهرزادُ الحكايا ،في جعبتها أساطير الخيل المجنّح الموْصوف بالبيَاض ،وَ فارسها حَامل صَولجان الأمنياتِ..يفجّر ما بين الضّلوع بلمسة منهُ قلبًا موصدا فتغمره سيُول الشّغف ..و يعانق عينيه السّهاد .فتحوك له من جدائل اللّيل ثوبًا يرتديه،و تُداعب مسَامعه بقصص تَرويها فتخرّ لها الآذانُ منصتةً بانتباه..تجولُ بفكره في رُبوع الدّهشة و سماء الخُرافة بحثًا عن الحكمة و معجزة الحبّ في كنفِ العائدين مِن الموت أحياء ..فالحبّ إمّا موت و إمّا حياة .
تقولُ للموت :مهلكَ خفّف الوطء ،أبعدْ سيِاطك عنّا؛فالحبّ ليّن و اللّين يهزم الصّلد الشديد ..قدْ قالَ قائلٌ: مزّقتُ الحبّ و أحرقتهُ ..و تَركتهُ للرّيح تذْروه بعيدَا تذكرةً لكلّ عاشقٍ..و أقولُ: مٍنْ رماده سيبعثُ مِن جديد ..الحبّ قويّ العُود ،صلبٌ متين يصرعُ كلّ يأسٍ ..هُو قَرين الحلم،و الحلم غيْم سخيّ .
لَمْ أحبّ قبلًا ..لكن إنِ ثبتتْ نبوءتهُ في دَمي فإني لَه من الخاضعين..حسبي خفقة واحدة ترفعُني من بلاط المتأبّطين يأسا إلى سقفِ الأحياء الحالمين.
و هُو: شهريار التمرّد ..قلبٌ وجل من الحبّ ،لا يفتأ أنْ يحطّ في واد ٍحتّى يغادره..
يقولُ : مالحبّ إلاّ وهم و أنا العاقلُ لا أحبّ الغَافلين،الحب عندَ النّساء زينة ،و هوايتهن ارتدَاءُ الزّينة في كلّ حين ؛إنْ سلّمتُُ لواحدة منهنّ قلبي ..أخْشى عليّ بعدهُ أنْ أضيع ..آليتُ أنْ لا أذرف دمعة مِن كمد ،و لا أحْني هَامتي في حضرة الحنين ..سَأقصمُ ظُهورهنّ و أمضي بلَا أسفِ ..قدْ اِعوج منهنّ ضلع منذُ النشأة الأولى و كنّ رغم النّقص يكدن و كيدهنّ عظيم ..محال ..محالٌ لهذا الضّلعِ أنْ يستقيم .
و قالَ الحبّ كلمتهُ الغالبة:مُعجزتي في جعْل الصّلب ليّنا ..و التّمرّد رضوخا ..و مَن قال لا أحبّ يومًا يصبح بعد الجحودُ رسولًا لي ..أنَا الغواية المباحةُ في جُنح اللّيل و الشّمس سَليلتي تنامُ على أكتافِ أتباعي ..و تصحوُ في كبد المنَاجين أنْصافهم ..أَنَا المدينة الغارقةُ في يمّ الألم المعتّق باللّذات ..شهيّ كقطرة نبيذ رغْم مرَارتها في الحَلق إلاّ أنها تَغري بالمزيدِ مِن الكُؤوس..
أناَ الدّهشةُ الكبرى ،و الرؤى المبهمةُ و ليس لها تأويل. أنا الأسْطورة الخالدة، تقرؤونها بشَغف و تخافونها كأنّي الموت ..الكلّ يَهذي بي،منكم من يقدّسني و منكم الذّي يرميني سوءً؛و أنَا البريء من قلوبٍ مدنّسة بالآثام،أنا الكِذبة الصّادقة إذْ يقولُ العاشق لمعْشوقه :في غيابكَ موتي،و لكنْ في الغيابِ أكبرُ أنَا ..
انظروا كمْ هي المسَاءات الخاليةُ من همْس العشّاق كئيبة،و القمَر دون مناجَاة صَاعدة إليهِ يتيم ..أنَا الأنِيس و المؤنس ..أنَا النّبضُ و الحيَاة .. ..