الأفول الجميل



شعر : د. محمد عاصي

عُقُولٌ بعِلْمٍ تُنِيرُ الدُّرُوبَا
وتُنْهِي عَنَاءً وعَهْدًا عَصِيبَا
وَزَحْفٌ أبيٌّ، قويٌّ، نقيٌ
يُسانِدُ فِيه الحَبيبُ الحَبيبَا
وَسَيْلٌ مِنَ المُعْجِزاتِ شَهِيٌّ
يَفوقُ خَيَالا نَدِيًّا خَصِيبَا
فَهَلْ يَسْتجِيبُ البَيَََانُ ويُهْدي
حُروفًا تَليقُ، وتُرْضِي اللَّبِيبَا
حُروفًا من الدُّرِّ أحْلَى، وأغْلَى
تُشِعُّ ضِيَاءً، وتَنْثُرُ طِيبَا
حُروفًا تُطَاوِلُ ذي المُعْجِزاتِ
تُوَصِّفُ هذا الزَّمَانَ العَجِيبَا
زمانَ انْحِسارٍ، وعَهْدَ انْكِسارٍ
لأنَّاتِ شَعْبٍ، أبَتْ أنْ تَذُوبَا
وفيهِ أفُولٌ لِوَجْهٍ قَبيحٍ
لتوريثِ ظُلْمٍ تَمَادَى دَؤوبَا
رَغِيدًا بَعِيدًا ... يَعِيثُ فَسَادًا
ولَعْنَةُ بؤْسٍ تَطالُ الشُّعوبَا
فتَشْكو بمُرٍّ هُزَالا وضَعْفًا
وتُخْمةُ نَهْبٍ تُميتُ القُلوبَا
ويَحْرِقُ أهْلي لَهيبٌ تَشَظَّى
ومَا مِنْ مُجيبٍ يَصُدُّ اللَّهِيبَا
وَعِنْدَ التَّأَوُّهِ، دُونَِ اكْتِراثٍ
يُكرِّرُ قَوْلا مُعَادًا؛ رَتِيبَا
وفَوقَ الصُّدورِ اسْتَقَرَّ المُقَامُ
وكان المُفَدَّى، وكانَ الخَطِيبَا
بِعَزْمٍ أبِيٍّ تَوارَى ظَلامٌ
ليفتَرِشَ الصُّبحُ سَاحًا رحِيبَا
ومِنْهُ تُطِلُّ شُمُوسٌ ومُزْنٌ
لِتُسْعِدَ أشبَالَ قَوْمِي وشِيبَا
تَهَاوتْ صُرُوحٌ، وذَلَتْ جِباهٌ
وحَقْلُ النِّفاقِ تَوارَى جَديبَا
تُغَطِّي العَناكِبُ دُورَ اللِّئامِ
وتَسْمعُ للغُرْبِ ، ظُهْرًا، نَعِيبَا
وأهلُ النِّفاقِ استداروا لِخَلْفٍ
يُخَطَّؤ مَنْ كانَ قَبْلا مُصِيبَا !!
ويَسْقُطُ في بِئْرِ ذُلٍّ بحُمْقٍ
وقَبْلا تَعَالى، وكانَ الأرِيبَا
وتُخْلَعُ عنْه صِفَاتُ الكَمَالِ
ونَوْطُ الطَّهارةِ يَبْدو غَريبَا
ويَلْبَسُ زِيًّا كَئيبًا رَدِيئًا
ويَخْلعُ فَخْمًا أَنِيقًا قََشِيبَا
يودِّعُ كُلَّ نَعيمٍ وحُسْنٍ
ليَصْحَبَ هَمًّا وحُزْنًا رَهيبَا
وُجُوهُ الفَسادِ أخِيرًا تُعَاني
وكَمْ كان وجْهُ الفسادِ كَئيبَا
فكَمْ فتنةٍ أشْعلوهَا بِخُبْثٍ
لكيْ يَستبيحَ الهِلالُ الصَّليبَا
وكَمْ مِنْ ضِعافٍ بأرْضي اسْتَغَاثوا
وكَمْ مِنْ بَريءٍ .. بِجُرْمٍ أُصِيبَا
وَكَمْ عَذَّبُونَا لِخُبْزٍ وأرْزٍ
وحَقْلي يَراهُ الجَميعُ خَصِيبَا
وَكَمْ مِنْ نَحِيبٍ سَئمْنَا صَدَاهُ
وهَلْ يَسْمعُ الفاسِدونَ النَّحيبَا
وَكَمْ من ضَحايَا، وَكَمْ مِنْ بَلايَا
وَكَمْ مِنْ كَذوبٍ يُحَلِّي مَعِيبَا
وَكَمْ عَيَّرونَا بِكَثْرَةِ نَسْلٍ
يُدارونَ بالقَوْلِ فِعْلا مُرِيبَا
وَكَمْ أرْهَقُونَا لجَرْعَةِ غَازٍ
وصُهْيونُ يَحْصُدُ بَخْسًا نَصِيبَا
دُعَاءُ الثَّكالى، ودَمْعُ الحَيَارى
يُطيحُ بقَاسٍ، ويَخْنقُ ذِيبَا
وَآهُ المُصَابِ، ورُوحُ الشَّهيدِ
تُؤَمِّلُ نَصْرًا ولا لَنْ تَخِيبَا
بِلادي عليكِ سَلامٌ وأَمْنٌ
يُكَفْكِفُ دَمْعًا، ويُنْهي وَجِيبَا
ودَامَ الوِِدَادُ يظلِّلُ أَهْلي
يُعانقُ فيكِ الهِلالُ الصَّليبَا
وتبقيْ بِلادي مَنَارًا لعِزٍ
سَقَاءً رَخَاءً، وحِصْنًا مَهِيبَا