نحن نعرف أنَّ العشق لايأتي إلا بعد مراحل متتالية من درجات الحب ولكن هنا قرأتُه عشق من نظرة أولى ولس حب من نظرة أولى فهذا يدلنا على أنه عشق زائف للتمتع والتسلية في أنفس أغرقت في الشهوات والملذات
الأستاذ / الفرحان أبو عزة
دومًا مايعجبني وصفك في القصص واقتناصك المفردات بدقة توحي بالكثير
فمثلا هنا ( وهو يرتدي قناع رغبة منفلتة من ذاته ) اختصرت الطريق لشرح رغباته بجملة مكثفة جميلة التصوير
( تجول مدة من الزمن بين شفاه ساخنة بالألوان ) وهذه الجملة تشرح ماقبلها بجزالة فهذه هي إحدى رغباته من إطلاق النظر , وأتعجب أنك مباشرة قلت شفاها ساخنة بالألوان ولم تقل شفاها مثيرة بالألوان مثلا , لأن رؤية الشئ بدايته يكون مثيرا ثم تتولد الحرارة ؟
(احتسى نسيماً مشبعاً بنكهة مندغـمة ) وهذه رغبته الثانية التي قد توصله إلى قمة النشوة هنا نسيما مشبعا فهمتُ بأنه النبيذ الذي استمتع في تذوقه وهذا يساعده للوصول إلى وطره .
(فما رأى شيئاً ، سوى أجسام فائضة تنتشي بوأد الأحلام ، ألهبه المكان جذوة المتابعة ، فانغمس في أجوائه .. في توجس طفق يتهجى الوجـوه ، فتدفقت نشوة زائدة بين عينيه ..)
وهنا وصف رائع بكلمات معدودة لحاله بعد السُكر , هو قد دخل برغبة تتوق إى الحصول على مايريده وزاد اللهبُ توق رغبته مما رأى في هذا المرقص
قولك ( فتدفقت نشوة زائدة بين عينيه ) تدلنا كلمة ( زائدة) علىأنه قد شعر بالنشوة مذ دخوله المكان لكنها وصلت لعنفوانها الآن
اقترب منها ، جلس بجانبها ، عدل هيأته ،
هنا وصف استعداد للبوح بما شعر به نحوها , فهو لايستطيع التأجيل والانتظار لأنه من الأساس دخل ليرى ايجد صيدا مناسبا له أم لا ؟
نظرت إليه فارتفع وصيد الاستغراب لديها ، تطاول بعنقه نحو أذنها وقال : إني أحبك ...
بعد إذنك مامعنى ( وصيد ) أم تريده بالراء ( رصيد) ؟
ثم أنه أعجبني الوصف الدقيق والرائع هنا ( تطاول بعنقه نحو أذنها ) فهنا كلمة تطاول تعطينا غشارة على تجرأه وتسرعه لإخبارها دون لباقة وتمهيد
وأمر آخر دعاني للتساؤل .. إن كانت هذه الامرأة معتادة للدخول إلى المراقص فما كان عليها أن تستغرب قدوم رجل نحوها فهذا أمر طبيعي سيحدث يوما ما في المرقص ..!
تولد هواء ساخن مسح لون شفتيها ، تجمعت في نفسها جرأة لم تعهدها في نفسها من قبل ، فكان منها أن صفعته بقوة ، انتشر دويها بين أرجاء الجدران .. فترت جرأته ، لـوى رأسه بين ركبتيه
زاد تجرأ الرجل بمسح أحمر الشفاه مما جعلها تتجرأ وتصفعه , وهذا يدلنا على أن من أتوها قبل كانوا أذكياء يعرفون كيف يوقعونها في عشقهم بحذق وربما لم تعتد هذا الفعل المباشر المتعجل الذي فعله
ساد صمت قاتل بينهما ، جددت نظرتها إليه .. شيء ما دغدغ تجاويف قلبها ، قبلته بعـنف، وقبل أن تغادر تركت له منديلا عليه أثـر أحمر شفاه باهــت ، يتوسطه قلب مطروز تخترقه سـهام عديدة ..
هذه العبارة إشارة إلى أنها امرأة لعوب وربما رافت لحاله ورأت شيئا من صدق عشقه أو لنقل حققت له شئ من رغبته بها فلثمته ورحلت , والسهام العديدة إشارة لرحيلها عنه وبحثها عن آخر او استعدادها لاستقبال آخر
وقد عبر الأستاذ محمد الشرادي عما نريد قوله بعبارة رائعة ..
أما عن صاحبنا الذي يبحث عن الحب في غير مقامه فعليه ان يجني الرد المناسب. فنساء علب الليل لا يعشقن السيف الواحد...و يرغبن دائما في جمع اكثر من سيف في غمدهن.
اعذرني على الإطالة فإني قد استمتعتُ بالنص كثيرا ونحن نتعلم من كيفية اختيار المفردا المكثفة المناسبة في مكانها
وفقك الله لما يحب ويرضى