حُرُوفٌ مُثقَلَةٌ بِالجَوى

شِعر محمد صافي

رَسَمَ الزَّمَانُ بِصَفحَةِ الأعْيَادِ سَهمَاً تَغَلغَلَ فِي ضلُوْعِ بِلادِي
حَيْثُ انْتَهَى فَصْلُ المَحَبَّةِ لِلوَرَى وَتَغَيَّرَتْ أَلوَانُ فَجْرِ مُرَادِي
وِانْشَقَّ بَدْرُ الأَمْسِ فَوْقَ خُرَافَةٍ وَتَنَفَّسَ المِصْبَاحُ وَهْمَ الوَادِ
وَهْمٌ تَشَبَّثَ بِالأَنِينِ عَنِ النَّوَى كَالتِّيْهِ يمضي فِي حُقُولِ حَصَادِي
هَذا عَزَاءُ البَوْحِ يَحْمِلُ هَامَتِي للدَّاجِيَاتِ وَمَوطِنِ الأمْجَادِ
كَفَنِي قَصِيدَةُ شَاعِرٍ أَمسَى يُلَقِّحُ بِالحُرُوفِ سَنَابِلَ الأَجْدَادِ
هَجَرَتْ طُيُوْرُ الأَمْسِ قَلعَةَ ذَاتِي وَهَمَتْ عَلَيَّ وَتِيْرَةُ الحَسَرَاتِ
هَلْ تَمَّ أَوْجَاعٌ تُرَاوِدُ مُهْجَتِي وَتَنُثُّ دَمْعَ القُهْرِ فِي طُرُقَاتِي
جَاءَتْ حُرُوْفُ المَوْتِ نَحْوَ قَصِيْدَتِي رَمَدًا غَبِيًّا عَاثَ فِي الصَّفَحَاتِ
لا شَئَ يُغْنِي مَنْ تَوَسَّدَ بِالدُّنَى مِنْ خَيْبَةٍ أَوْ طَعْنَةِ الغَفَلاتِ
أُسْتُرْ ضُلُوْعَكَ إِنَّهَا فَضَحَتْ ثَرَ اءَ الخُلْقِ مِنْ إِغْفَاءَةِ السَّهَوَاتِ
وَحْيُ المَسَافَةِ بَيْنَنَا كَمَجَرَّةٍ فِيْهَا الوِقَارُ يُرَتِّلُ الصَّلَوَاتِ
إِنَّ الَّذِيْنَ تَمَرَّدَتْ أَغْصَانُهُمْ وَضَعُوا شِبَاكَ الغَدْرِ فِي الشَّهَوَاتِ
العُمْرُ أَقْبَلَ مُرْغَمًا وَمُسَالِمًا يَرْنُو بِمَصْلٍ تَحْتَقِنْهُ رِئَاتِي
هَذَا الأَنِيْنُ سَلَبْتُهُ بِجَوَارِحِي وَنَفَخْتُ فِيْهِ عَوَاصِفَ الصَّرَخَاتِ
مَا دَامَتِ الأَيَّامُ تَنْصِبُ عَرْشَهَا فَوْقَ الرِّيَاءِ وَشِيْمَةِ اللِّذَّاتِ
إِنِّي لِعُنْقُوْدِ البَلاغَةِ أَنْحَنِي وَبِحَبْلِ أَحْزَانِي أَشُدُّ ثَبَاتِي
فَأَنَا الشُّحُوْبُ عَلَى الفَنَاءِ مُعَلَّقًا غَابَتْ شُمُوْسِي وِارْتَقَتْ غَيْمَاتِي
يَمْتَدُّ بِي وَهْمُ المَسَافَةِ كُلَّمَا يَمْتَدُّ سَاقِي ظُلْمَةَ العَتَبَاتِ
سَافَرْتُ فِي لُغَةِ الأَنِيْنِ مُصَاحِبًا وَجَعًا يُذِيْبُ صَلابَةَ الكَلِمَاتِ
لا أَرْتَجِي بَعْضَ المُرُوْءَةِ عُنْوَةً فَبِكُلِّ أَرْجَاءِ المَدَى رَايَاتِي
تَهْجُو وُجُوهَ اللَّيْلِ قَافِيَتِي وَقَدْ خَفَّ اتِّزَانُ الشِّعْرِ بَعْدَ لُغَاتِي
جَفَّتْ دُمُوْعُ الغَيْمِ وِانْتُهِكَ الكَرَى وَفَصَاحَتِي نَزَعَتْ وَمِيْضَ مَمَاتِي