بنتُ الجبل



نقـَّـط النحلُ على الريقِ عسلْ
واستحى البدرُ جلالاً فأفلْ
قـلـَّد الموجُ اهتزازاتٍ تـُرَى
فوق صدرٍ طبعُهُ سرْقُ المقل
هل صحيحٌ أنَّ حَوَّا ولدتْ
مثلَ هذا الحُسْنِ ؟ قالت لي أجل !
قلتُ من أنتِ ؟ فقالت عجبًا
أنا من جازانَ سُـكْـنايَ الجبل
قلتُ فالأهلُ ؟ فثارت غضبا
بأبي فاخرْ وسائل من تسل !
نحن أهل العزِّ نُعطي من نشا
قلتُ جودي فتعرَّاها الخجل !
ما هنا الجودُ ولكنْ عـلـَّـنا
بعد حينٍ نتساقى بالمقل
فوداعًا قلتُ ، كلا .. إنما
لِلِقاءٍ فعدي قلبي انشغل
قالت الغدُّ إذا شاء لنا
قدرُ الحبِّ وتشريعُ الغزل
ثم راحت تتوارى خجلا
وأنا أرقبُ عِجْزًا بعجل
كلُّ شيءٍ يتثنى حسبُها
بنتُ ذاك البحرِ أم هذا الجبل ؟
سحرتني وأنا في رقدتي
فتنبهتُ على أحلى القبل
وإذا بي لا أرى مِنْ رسْمِها
غيرَ طيفٍ فتولاني الزعل
ومضى ليلي ويومي وغدي
مثقلَ الجسمِ يغطيني الكسل
عجبًا يانفسُ هل هذا أنا ؟
أيّْ وربي إنما الحبُّ دُوَل !
دولةٌ دالت ومالت ليتها
أمرت جازان عني فانعزل
" ومضى كلٌّ إلى غايتِهِ "
قالها " ناجي " إذا الليل انسدل
وتغنت كوكبُ الشرقِ له
" أين من عيني حبيب " قد غفل ؟!
يالهذا الليل كم أوجعني
يخلط الجِدَّ عِيانـًا بالهزل !
كلما قلتُ جراحي التأمت
عاد جرحٌ وتغشـَّـاني الملل
هي في نومي أراها قتلت
بسهام اللحظِ قلبي فانقتل
فدعوها إنَّ نفسي وجدت
لذةَ القتل من الغيدِ عسل
ويمينًا ما جنونٌ صابني
إنما شيطانُ شِعري قد وصل !



1987 م