ورقة خريف سامتها الشمس لسعا حتى اصفرت ، ولطمتها الريح حتى خرت ، ولتطوح بها من بعد أنى شاءت ، كانت تُمني نفسها أن تكون وردة أيام ربيع لتسعد حبيبين ، أو نخلة أيام قحط لتحفظ كرامة حر ، لكن شيئا من ذلك لم يكن مضت أيام خضرتها حسرة وكمدا لا لشيء إلا لأنها أحبت الفراشات والطير والنسائم والغمام ، من كل تعلمت الرقة والحب والأريحية و الإيثار ... ، ثم لم تجد من تُفرغ فيه شيئا من ذلك ، ذاك أنها لا تستطيع الحراك سوى نحو قدرها من الاصفرار والسقوط . آه لكم ظن الخلق الدمع منك بهجة وسرورا !

خبريني – يا ورقة الخريف - ما أشد ما لقيتِ ؟ أهو أن يطأك بقدمه من سعى نحو رذيلة أو مد يد الذل أو نطق بسوء ، أحسب أنه هذا ، أتبتسمين حينها أو يزداد ألمك ؟!

إيه ما فرغت منك بعد ، فثمة منظر مهول لن أدعه خبريني ساعة يتكالب عليك النمل إبان السقوط ، أمشيعوك هم دون خلق الله ، فيكون عزاؤك ذاك الوداع وتلك الجنازة أم أنهم يمثلون بما تبقى منك وما آذيتِ قط أحدا ؟!

يا ورقة الخريف لو خُيرتُ كيف أكون لما كنتُ غيرَك خلا عبدا خُتم له وهو لله ساجد .