قـدْ عـادَ لي الشِعْـرُ فـَيّـاضاً بــِوَادِيْهِ
يـُحْـييْ مَــوَاتـاً مِــنَ الـتـَهـيـام ناسيْهِ
تراقصَتْ لانبعاثِ الـشـوقِ قـافـيـتيْ
فــَـصِرْتُ كالـطـيـرِ يَشـدُوْ فـي مَغانيْهِ
أمـيـرتيْ أيُّ سـِحْـرٍ فـِيْـكِ يـَجْـذِبُـنيْ
فالشِعـْرُ ضاقتْ عـَنِ الوَصْفِ قوافِـيْهِ
أُسَـرِّحُ الطـَرْفَ في دُنـيـا الـجَمَالِ فما
أرى نـظـيــراً لـهـا أوْ مَــــنْ يُــدانيْهِ
أمــيرةُ الحُسْنِ _عـَـيْـنُ اللهِ تَـكْلَؤها_
أبْهى من البدرِ في صافي لياليْهِ
رقـيـقــةٌ مِـثــلُ قـَطْـرِ المَاءِ مُـنْسَكِباً
مـِـنَ الـغـَـمَـام تـَهـَـادَى فـيْ سَـوَاقِـيْهِ
نـَدِيَّــةٌ مـِـثـــلُ خـدِّ الـوَرْدِ بَـلَّــلَــهُ
دَمْــعُ الـنــَدَى بــِجُـمانٍ كــادَ يُـدْمِــيْــهِ
طَــرِيَّــةٌ مِـثـلُ رَوْضِ الـحَـزْنِ بَـاكـَرَهُ
وَبْـلُ الـسـحـابِ هَـتــُوْنـاً لـيـسَ يُــؤذيْهِ
زَكِـيّــةٌ مِـثـلُ أنفاسِ الــرُبَى انبَعثتْ
فــَوّاحَـةَ الــطِـيـْبِ مَـرُّ الرِيْحِ يُـذكِـيْهِ
ذَكِــيّـةٌ لــو رأى شـَـنٌّ نـَـبَـاهَــتـَـهـا
لــَمَا اجْـتـَـبَى غَـيْـرَها خِـلاً يُـصَافيْهِ
حَسِـيْـبَـةٌ مِنْ تـَمِـيْمٍ طَابَ مَـحْـتـِدُهَـا
مِنْ نـَسـْـلِ قـَـيْـسٍ وَمَـا أصْلٌ يُـضاهِــيْهِ
أميرتيْ إنْ مَشـَتْ فالـمَيْسُ مِشـْيَتـُهَا
وَشـْيُ الطـَوَاوِيْـسِ يَـحْـكِـيْـَها وَتَحْكِيْهِ
رَشِـيْــقـَـةُ الـقــَدِّ لا رِيْـمٌ تــُـشـابـهُــهَـا
جـِـيْـداً ولا غُــصْــنُ بَــانٍ فـي تَـثـَـنـِّـيْهِ
مَـلِــيْـحَـةٌ زانها طـَرْفٌ بـهِ حــَـوَرٌ
لوْ بـِـيْـعَ في السُـوْقِ أغـلى السِعْـرَ شـارِيْهِ
هَيْفَاءُ عَنـْـقـَاءُ نَجْـلاءُ العُـيُـوْنِ بـهـا
مـنْ سِـحْـرِ هـاروتَ مـا يُـعْــيــِيْ بـِرَاقِـيْـهِ
رَخِيْمَةُ الصَوْتِ تَحْكِيْ في عُذُوْبَـتـِهِ
مـِـزْمَــارَ داودَ صَــدّاحــاً بـــِنَــادِيـْـهِ
وَرْقـَاءُ سَاجـِعَـةٌ لـَحْـنـاً عـلى فـَـنـَنٍ
تـُـغـْرِيْ بــتــَـطـْـرِيْـبـِها إلـْـفاً تــُــنـادِيــْــهِ
آهٍ عـلى اللحــنِ تــَـشــْــدُوهُ بـَلابــلـُــهُ
أذنُ الأصَمِّ تــَجَـافـَى عَـنْ تــَـنَاغِــيْـهِ
آهٍ على الوَرْدِ فـاحَ العِطـْرُ مِنهُ على
أنـْــفٍ تــَســاوَى بـهِ السَـيْءُ وزاكـيهِ
آهٍ عـلى الـحُـسْنِ تـَخـْـتـالُ مَــفــاتِـنـُــهُ
أمامَ عَيْنــَيْ ضريرٍ كَـيْـفَ يــُـغْــرِيْهِ
آهٍ على الـمُـزْنِ تــَهْمِيْ فـَـوْقَ مَـاحِـلَـةٍ
لا نـَـــبْــــتَ مــــنـــهــا ولا مـــاءً تــُـرَوِّيْهِ
آهٍ على الحُـبِّ مـا هَـبَّــتْ نـَسَائِـمُـهُ
إلا عـلـى طـَـلَـلٍ تــُـعْـمِـيْ ســَوَافـِـيْهِ
أميرتيْ إنّ بَـعْـضَ الـظـَنِّ مَأثــَمَــةٌ
وَلـَـيْـسَ سَـامِـعُ شـيءٍ مِــثــْـلَ رَائِـيْهِ
وقد يَـلـُومُ الفتى مَــنْ ليسَ يعرفــُــهُ
ولـو بَـدَا عُــذرُهُ مــا لامَ شـــانِـــيـْهِ
لا تـَعْـذِلِـيْـهِ عـلـى صـَمْـتٍ يـَـنـُوءُ بهِ
فـَـلَـيْـسَ يَـعْـرِفُ مـا يُـخـْفِيْ فـَيُـبْـدِيْهِ
تَرْسُو الـمَـرَاكِبُ في الـشُطْـآنِ آمِـنَةً
لـَكِـنَّ مـَرْكـَبَــهُ قــَـدْ ضـَـلَّ هـَـادِيْــهِ
وراكــبُ الـبحــرِ والأمـــواجُ عـــاتـيَــةٌ
كـَـراكـــبِ الـلـــيــثِ تــَنـْـعـــَاهُ نــَـوَاعِــيْهِ
والـقـوسُ يَـرْمِـيْ بهِ مَنْ ليسَ يُحْسِنــُهُ
قـدْ يرتويْ سَـهْـمُهُ مِنْ نـَحْـرِ رامِــيْهِ
أميرتيْ لـَمْ أزَلْ فـيْ حَيْـرَتِـيْ ثــَمِـلاً
ولـسْــتُ مِـمَّـنْ كُــؤُوْسُ الـخمرِ تــُغـــْـوِيْهِ
أبــِـيْــتُ نــَهــْـباً لأفــْكــارٍ تــُؤَرِّقـــُنــِيْ
يــَـلــَفـُّـنيْ مِـنْ لَهِيْـبِ الـشـَكِّ داجِـيْهِ
إذا حَضَرْتِ خـفـُوقُ القلبِ يَفْضَحُنِيْ
يـَـكـادُ يـَـقـْـفِـزُ قـلـبـيْ مـِـنْ مـَـرَاسِـيْهِ
وإنْ تغـَـيـَّبـْتِ يـَبْـقَى الـصَـدْرُ مُكْـتـَـئِـباً
لا تـَـسْـتـطـيْـعُ الـرواسيْ حَــمْــلَ مـا فِـيْهِ
حـارَ اللـبـيبُ : أداءُ العِـشْقِ داهَـمَـنِيْ؟
والـرأسُ قــدْ شـابَ قـاصِـيْهِ وَدَانِـيْـهِ!
وأسْـوَأُ الـنـاسِ حـالاً مَـنْ تـقــاذَفُـهُ
أمـواجُ حَــيـْرَتِــهِ فـي لـُـجَّةِ الــتـِـيْـهِ
وصاحبُ العِشقِ مهما جَــدَّ يَكْـتــُمُهُ
لَـتـَـفـْـضَـحَـنْ عَـيْـنـُهُ ســِتــْـراً يُدارِيــْـهِ
أمـيرتيْ قـد أتـاكِ القـلبُ مـُـنكسراً
مـُـصـَـفـَّــداً بــِإسَـارِ الـعَـقـْـلِ يـَـثـْـنِـيْهِ
ذلُّ الإسارِ تــَمـادَى فـيْ مَـذلـَّـتِـهِ
حـتّى الـتـَمـَادِيْ تــَمـادَى فـيْ تـَمَـادِيْهِ
كأنـّـهُ الـصَقرُ خـانـتـْـهُ قــَوادِمُهُ
ولـمْ تــُعِـنـْـهُ _وقـدْ قـُـصَّـتْ_ خــَـوافِـيْـهِ
تأتيْ على الـمَرْءِ أحــوالٌ تـُـغـَـيِّـرُهُ
حتَّــى يـَـبـيـْـعَ الذيْ قـد كـانَ يَــشــْـريْـهِ
أميرتيْ يَقـْطـَعُ الشـَكَّ اليَـقِـيـْنُ بــِنَا
أنَّ الــثــُرَيَّـا سُـهـَــيْــلاً لا تــُـلاقِــيْـهِ
فالـيـأسُ راحــةُ مَــنْ سُــدَّتْ مَـذاهِــبُـهُ
كالـمــاءِ يَغــْمُـــرُ جَــمْـــرَ الـنارِ يُطـْفــِـيـْهِ
وَأجْـمَـلُ الـيـأسِ يَـأسٌ لا رَجَـاءَ لـهُ
يـَـنـْـفِـيْ الـمُـعَـنَّى بـهِ زَيْـفَ أمــانـِـيْهِ
وَرُبَّ داءٍ دَوَاءٍ يُــسـْــتــَــراحُ بـــِهِ
كالـمـَوْتِ يـأتـيْ لِـمَـيْـئـُوْسٍ تــَـشـَافِــيْهِ
أميرتي الـبَـذرُ في سَـبْـخاءَ مَــضْـيَعـَـةٌ
حـَـصَـادُهٌ الـفـَـقـْــرُ والـبُـؤسى لـِـرَاجِـيْهِ
والـمُشـْـتريْ كاسِداً لِلـبـيــعِ يـَعـْـرِضُهُ
وَيَـطـْــلـُبُ الـرِبْـحَ خُـسْــرٌ ما سَـعَـى فــيْهِ
وَمَنْ بَنى قــَصْرَهُ في الـرَمْلِ مُجْـتــَهِداً
فــإنَّــمــا قــدْ بــَــنــَى قــبـراً يُـــواريْهِ
وَقابـِضُ الرِيْحِ لا مــاءٌ ولا ثــَمَـرٌ
وَزارِعُ الشـَوْكِ شــَوْكاً سَوْفَ يَجْنِــيْهِ
والـمَـظُّ رُمانةٌ في البَـرِّ يانِعَةٌ
يَحَوْطـُـهُ الـشـَـوْكُ يُــدْمِــيْ كـَـفَّ جانيْهِ
ومُسْتقي الـماءِ مِنْ بحْرِ السَرابِ وقدْ
فــاحَ الـهــجــيــرُ زُؤامَ الـمــوتِ سـاقــيْــهِ
أميرتي السَيْرُ في الصَحْرَاءِ مَهـْلـَكَةٌ
مَـفـَـازَةٌ مـا بــِهَـا فـَــوْزٌ لِــبَـاغِــيْهِ
فـَالعَوْدُ أحْمَدُ عَـنْ دَرْبٍ بــِهِ هَـلــَكٌ
تــُبْـدِيْ أوائــلـُـهُ عُــقــْبَى تــَوالـِـيْهِ
بَـانَ الـخـَـفِـيُّ فــلا عُــذرٌ ولا عِــلَـلٌ
قــدْ أفـصَـحَ اللـفـظ عَــنْ فــَحْـوَى مـعانيْهِ