أخيراً جاءَ عيدٌ دون ذلِكْ وأقصدُ دونَ حسني فلنبارِكْ
فكمْ منَّيتُ نفسي أن سيأتي وكنتُ يئستُ حينَ الليلُ حالِكْ
فأفطرُ بعدَ صومٍ دامَ شهراً وتفطرُ مصرَ بعدَ صيامِ ذلِكْ
وهلَّ هلالهُ كالبدرِ فاعجبْ لبدرٍ في تمامِ الشهرِ ضاحِكْ
وكانَ خلالَ حكمٍ مستبدٍ يكادُ لحزنِنا ألا يشارِكْ
فعاشتْ مصرُ أزمنةً ثقالاً وحسني فوقَ صدرِ الخلقِ بارِكْ
ويملكُ أرضَنا بلْ منْ عليها عبيدٌ نحنُ والمملوكُ مالِكْ
مضىَ عمري وذاكَ النذلُ رأسٌ بأنيابٍ وأذيالٍ فواتِكْ
فكانَ يُغَلِّقُ الأبوابَ دوني وحولي كلُّ صهيونيِّ سالِكْ
وفي شرمٍ لشيخٍ كمْ شهدْنا يهوداً يجلسونَ على الأرائِكْ
فصرْنا كالغنائمِ دونَ حربٍ ويسبينا العدوُّ بلا معارِكْ
ولما شاخَ حسني جاءَ جحشٌ لهُ يبغي وراثةَ ذا المُتارِكْ
يشاءُ العرشَ لكنْ شاءَ ربُّ لهُ عرشُ السماءِ بلا مشارِكْ
فهبَّ الشعبُ كالإعصارِ هبًّا يدكُّ العرشَ في أمِّ المَمَالِكْ
كأنَّ الزحفَ للتحريرِ فرضٌ وسعيُ الناسِ فيهِ منَ المناسِكْ
هوىَ صنمٌ بمصرَ وما استطاعتْ حمايتهُ قوىَ الدنيا هنالِكْ
وإسرائيلُ تبكي إذ تخلَّى لها عجلٌ وداستهُ السنابِكْ
نجونا منْ نظامٍ كانً رمزاً لمنْ باعَ الكنانةَ للصعالِكْ
مضتْ عنا ثلاثونٌ عجافٌ بلتنا بالمصائبِ والمهالِكْ
وأخزى اللهُ فرعوناً سجيناً وحكَّمَ فيهِ شعباً مثلَ ذلِكْ
لهُ صبرٌ عجيبٌ واحتمالٌ لظلمِ الظالمينَ وللهواتِكْ
ولكنْ إنْ يثورَ فلا يبالي بموتٍ منْ جيوشٍ أو نيازِكْ
كذلكَ ثارَ في الميدانِ فرداً وسدَّ عليَ الفراعينَ االمسالِكْ
فلمْ يهزمْهُ شيءٌ إذْ ينادي (يريدُ الشعبُ) فانهارَ السوافِكْ
فسبحانَ المعزُّ لدارِ حسني وسبحانَ المذلُّ لهُ كذلِكْ
فكانَ الخسفُ متبوعاً بسجنٍ فباتَ وأهلهُ والكلُّ هالِكْ
وها قدَ جاءَ عيدُ الفطرِ عيداً ولمْ يخطرْ ببالِي أو ببالِكْ