رحى عينيكِ

أحمد حسين أحمد
رحى عينيكِ تسحقني
وتوشك دقَّ أضلاعي
ونافذتان باردتان تلفحني
تفتّق ثقب أوجاعي
كأنَّ حدائق الأمطار في عينيكِ تغرقني بلا رحمة
وجرن قرارها الحجري يأخذني إلى العتمة
فأذكرُ شطّنا ونحيبه الجاري
وأشياء عشقناها
تدثّر بعضها بالزنبق العاري
وملعبنا، ونخلة جدّكِ القروي تمطرنا بحلو التمر،
هل تدرين أنّي كدتُ أنساها
أما زالت كما تبدو؟
وهل ما زال بلبلنا يغرّد في محيّاها؟
*
ألا تدرين يا عصفور أفكاري
بأنَّي أول العاهات في الدارِ
وآخر من رماه الشرق غرباً دون أمطارِ
رحلتُ مهجّراً من قبل جرح الأرض مهزوماً،
وواجهت الهوى الغندور إعصاراًُ بإعصارِ
فيا أواه يا وجعي،
ويا ضعفي ويا مخسوف أقماري..
تظلُّ مجامر الأشواق موقدةٌ،
وحقلي دون أزهار
أديم الأرض محرقتي
وبردي شمسُ آذارِ
*
تفيضُ ربوعنا بعطورِ "عشتارِ"
وحضنكِ معبدُ العشاق أجَّ حريقه الناري
فيا أنفاق أشعاري
تعالي نفتحُ ُ الما بين من نيران حمّاها
ونحصد بعض بلواها
مدينتنا،
تغضُّ الطرفَ ، أحياناً ،
عن الأعداءِ وهي تزفّ ُقتلاها..
مخضّبة بحنّاءِ العروسِ أصولُ شكواها
صفيرُ الريحِ ، شذّبها،
وظلمُ القومِ سوّاها..
فلا هدأتْ قبيل العصف ،
أو سلمتْ معالمها من التخريبِ،
أنصاباً أقمناها
مدينتنا التي شبعتْ من البارودِ والموتِ
ومن حمّى غزاة الأرض وهي تزيد حمّاها
مدينتا التي قُلبَتْ ، وصار الفوق للتحتِ
خبرناها،
كذلك دائما، كنّا خبرناها..
فلا هجعتْ ولا نامتْ على أنغام قيثار
تدورُ عيونها أبداً،
كما الأفلاك في معمورة الباري
وأنتِ هناك تبتكرين فخّارا لموتاها
*
عيونكِ ترشقُ الملكوت بالبرقِ
عيونكِ كومة الأحجار في الطرقاتِ تستلقي
رأيتُ وميضها لمحاً،
يجادلُ صبرنا وحثالة الحكّام في الشرقِ
فما فُتحتْ لها باباً،
ولا أُخذتْ بيمناها
عيونكِ، وحدها الطلقات ترعاها..
يمرُّ العام بعد العام،
والطرقات مسدودة
وقالوا أنّكِ الأحلى برغمِ الجوع والموتى،
وقال البعض محسودة
فهل أقوى على بعدي وترحالي،
وتلكَ يداك ممدودة؟
صحا عفريتُ نومي وانتهى عاري
سأقصفُ معقل الأعداء من منفاي للدارِ
ولو بالريحِ والكلماتِ،
أو أشواك صبّارِ
*
ألمانيا
6/11/2008