أيُّها الليلُ الطويل,
مثل خفَّاشٍ أسود ,,ما زلتَ معلَّقا في أجوائِنا .
ما زلتَ تفردُ جناحيكَ اللحميَّتين المقزِّزتين ,,على طولِ سمائِنا وعرضِها ,
طامساً نجومها,, وأقمارها,, وأحداقها .
ما زلتَ تغرسُ أنيابك الطويلة الرفيعة السَّامة بلحمِنا,,وتمتصُّ دمنا
ما زلت!!! .
الدَّمُ يهدرُ أنهاراً ,ويفيضُ في كلِّ مكان ,ألمْ يشبِعْك هذا بعد ؟
أما آن لك أن تكتفي ,,,,وتنصرف عنَّا ؟؟
/
/
أغربْ عنَّا أيّها الليلُ الخفَّاش
أصبحنا في بحرعتمتك, طُْرشاً مثلك, عميانا,
نصدمُ بعضَنا في كلِّ لحظة ,
ومثل المراكبِ التائهةِ في العاصفةِ الظّلماء ,
نحرقُ بعضَنا في عرضِ البحار , ونندبُ حظَّنا,
لا الأمواجُ المتلاطمة ترحمُنا ,
ولا العاصفةُ تكفُّ عن سخريتها بنا .
لونُ اشتعالِنا,, ونارُ دمائِنا, تشْغَلُ العالمَ البسيط ,وتحيِّرُه ,وترهقُه ,
/
/
أفٍ من عقولنا التي اختمرت من أقداحٍ مختلفة ,
أفٍ من سطوةِ أفكارنا ,التي توهمُ كلَّ واحدٍ منَّا أنَّه البطلَ الوحيد .
عتمةُ الليلِ الطويل الحالك قد أتلفَ آخر ذرَّة نورٍ فينا .
أفٍ من الفقر والجوع الذي يلزمُ البعضَ ليبيع نفسَه في سوق المزاد .
/
/
الليلُ يتشبَّثُ بهوائنا مستميتاً ,
الليلُ يصادرُ النورَ والهواءَ النقي ,,يمنعهم عنَّا .
بوجودِ هذا الليلِ الحالك ,
لا يقدرُ البطلُ الحقيقي الأسطورة ,
القادم على أجنحة جواده مع الريح الأسطورة ,
اللآتي من أعماق التاريخ,
أن يفعل شيئاً .
وهل يقدرُ هذا البطلُ الذي يعيشُ في خيالنا ,
أن يمزِّق جناحي الخفاشِ اللحميتين بسيفه القديم ؟؟
عندما تكون الصورة قريبة من العينين جداً,, يكتنفها الضَّباب ,وتفقدُ وضوحَها ,
علينا الإبتعاد قليلاً كي نراها صافية .
/
/
أيُّها الليلُ ابتعدْ ,,
لملِمْ جناحَيك السَّوداوين عن سمائنا ,, وانصرف,
لملمْ أثوابَك السوداء عنَّا,, وانقشع ,
خذْ ظلمةَ قلبِك الأزليَّة, وعدْ لبلادك في أطراف العالم .
أشجارُنا التي أحرقتها ,,ماتت واقفة ,
ما زالت رافعةً أذرعها تستجدي المطرَ الطَّاهر ,لتحيا وتبرعم من جديد ,
أشجارُنا مابرحت تصلِّي الإستسقاء ,,,وتنتظر .
الزهورُ في سهولنا ,وعلى دروبنا ,تطلُّ برؤوسها من تحت أطباق التراب
وتختفي ,
تشكو نوماً كان طويلاً كالموت !
/
/
أيُّها الليلُ انطوِ عنَّا ,,وانصرف
أفلِتْ ألحانَنا التي ما زلتَ قابضاً على مخانقِها, مثل وحش مريع ,
اشتقنا لسماعِ أنغامِنا تتموَّجُ في الفضاء,, بحُرِّيةِ الأثير .
/
/
أيُّها الليلُ الطّويل ,,
دعنا نسمعُ أسماءَنا التي تردِّدُها الرياحُ القادمة ,من الجهات ,
ونرى وجوهَنا تتموَّج على وجه المياه في البحيرات الهادئة ,
دعنا ندخلُ مرَّةً في الشَّفقِ الأرجوانيّ المتألق على ذراعيّ الأفق .
/
/
أيُّها الليلٌ اللئيم ,,
اشتقنا للوقوفِ كالنُّسورِ على رؤوس الجبال البعيدة,, نخاطبُ الشمسَ ونغازلُها,, كما كنَّا .
أين أجنحتنا التي نزعتَها عن سيقانِنا وأذرعِنا ؟
/
/
أيُّها الليلُ البهيم
نتوقُ لننطلق كالخيولِ في الصحراء, في وهج الظهيرة ,
خيلٌ لا سُرْجَ لها ولا لِجام ,
أين سيوفنا ودروعنا التي سلبتَها منَّا تحت جنحِ ظلمتِك الحالكة ؟
/
/
قتلنا الحنينُ لرؤيةِ أقمارِنا في سمائنا ,
قتلنا الوجدُ لرؤيةِ زرقةِ سمائِنا ,وبحورِنا, وخضرةِ نخيلنا .
المطرُ ينتظرُنا منذ سنين وأجيال,,
نخافُ أن تمَلّ الغيومُ والأمطارُ منَّا,, وتذهبُ يائسة .
أيُّها الليلُ فارقنا ليلةً واحدةً لنلتقط أنفاسَنا !!.
/
/
آهٍ من أمةٍ يتيمةٍ وُلدت دون أمٍ ولا أب ,
وصُلبت دون إثمٍ ولا ذنب
أفٍ من أمةٍ تظنُّ أنَّ كلَّ من مسَّد شعرَها لحظةً هو أبوها
ثم تكتشفُ بعد قليلٍ أنه ,,,غول
آه من أمةٍ تنحني ذاكرتُها تحت وطأةِ أحمالٍ من كلِّ شكلٍ ولون
ولا تعرفُ كيفَ تأخذُ ما تحتاجه ,,وتمنعُ ما تحتاجه أيضاً
وآهٍ ممن يضربُ الحريَّة باسم الحريَّة
//
أيها الليلُ
الخفَّاش
متى تنصرف ؟؟؟؟؟؟
ماسة




رد مع اقتباس