أَنَا لَنْ أَمُوْتَ ( مذكرات مواطن عادي )


توطئة
أنا لست أنا ، إنما أشياء تشبهني
وهو ليس هو ، ولا يشبه حتى نفسَه ، كلانا
يبحثُ عن مكانٍ ما ؛ جاء متأخراً ..... جداً
حُزتُ المكانَ كلَّه



أنا لا أموتُ وإنْ قُتلتُ وأنتَ يا جلَّادُ مَيْتُ
أنا لا قتلتُ ولا غدرتُ ولا اغتصبتُ ولا سلبتُ
في القصرِ أنتَ سجينُ ظلمكِ والفضاءُ لديَّ بَيْتُ
وتحفُّني الأنظارُ في أيِّ الدروبِ بهِ مشيتُ
يشتاقُني عبقُ الدروب إذا تصافحُني انتشيتُ
ذا الشاعرُ الغِرِّيدُ مَفْرِقُهُ وضوءُ النجمِ صوتُ
ليْ في الشُّروقِ وفي الغروبِ على جبينِ الشَّمس سَمْتُ
أمشيْ كسهمٍ في الطريقِ فلا التفتُّ ولا انْحرفتُ
نسبيْ هو اليمنُ السعيدُ وفي الحجازِ وحيثُ سِرتُ
في مصرَ في الأوراسِ للأخيارِ من قوميْ انتسبتُ
نسبي هو الزيتونُ والأرزُ العريقُ وحيثُ شئتُ
ومراتعي عذبُ القصيدِ ورعيُكَ الموبوءُ سُحْتُ
ولئِنْ تقطِّعْني الحرابُ عليكَ في موتي عَلَوْتُ
خُبزي على كفِّي نداهُ ، وكمْ سرقتَ ، وما سرقتُ
تعدو على المالِ الحرامِ وبعضُ ما قد حلَّ عِفتُ
أنا لا أموتُ ومَأكلي الشَّهدُ الحلالُ لذاكَ طِبْتُ
إنْ قلَّ مالي لا أَلُجُّ ولو يجودُ الدهرُ جُدْتُ
أنا لا أموتُ بأيِّ حالٍ لنْ تكونَ بحيثُ كنتُ
* * * * * *
أنا لا أموتُ وأنتَ قبل ولادةِ الأشياءِ مَيْتُ
لو نِلتُ إنساناً بجهلٍ جئتُ في يومي اعتذرتُ
أنا لا أموتُ وكلَّ أيامي لغيري قدْ وهبتُ
الجوعُ لم أحفلْ بهِ من قبلِ ميعادي فُطِمْتُ
ورفضتُ أثداء المراضعِ لا ارتويتُ ولا مَصصتُ
الفقرُ ليسَ بضائري وأنا الغنيُّ إنِ افتقرتُ
الذلُّ ، أنت الدُّونُ إنْ تظلمْ بمقدرةٍ سموتُ
الصفحَ علمني الإباءُ فإنْ أنا أقدرْ غَفرتُ
الجهلُ كيف يطيقُني ؟ وأنا عن العُزَّى صَبأتُ
الخمرُ ، هاكَ نجيعُ أطفالي ، أنا شعراً شربتُ
* * * * * *
خمسينَ عاماً نمتُ فيها ها أنا ريحاً صحوتُ
عاتٍ وإعصاري الفناءُ على الطغاةِ إذا نزلتُ
أعجازُ نخلٍ يُعقرونَ فَمِنْ يدِ الكافي ضربتُ
إنْ كانَ يخطئُكَ الهلاكُ على يديَّ فلا نجوتُ !!
هل يُنظِرونَكَ ؟ من زمانٍ لم يَعُدْ في الصبرِ وقتُ
هل يقتلونكَ ؟ أنت مقتولٌ ومَنسِيٌّ وميتُ
هل يعذرونكَ ؟ أيُّ عُذرٍ ؟ أنتَ والأعذارُ سَبْتُ
هل يدفنونكَ ؟ والترابُّ لديهِ ذاكرةٌ ومَقْتُ
هل يركلونكَ ؟ والحذاءُ لديهِ في خديكَ سَمْتُ
ما ينعتونكَ ؟ هل تبقَّى في لسانِ الشرِّ نعتُ ؟
* * * * * *
هذا الخطابُ وما لمثلكَ غيرُ صمتٍ إنْ نطقتُ
لو فيكَ يلزمني المقالُ لكنتُ في دهري خرستُ
وسَفُلْتَ حتّى لم يقرَّ عليكَ بالإقذاعِ بيتُ
فقصدتُ غيركَ بالهجاءِ عساكَ تفهمُ ما قصدتُ
ومدَحْتُني حتى سوايَ أكادُ أعني إذْ مدحتُ
27-5-2012