سَلِ الأَرْضَ عِنْهُ تَبْتَدِرْكَ هِضَابُهَا وَإِنْ لَمْ تَسَلْهَا أَخْبَرَتْكَ شِعَابُهَا
فَتَى الهِمَّةِ العَلْيَاءِ وَالغَايَةِ التِي عَسِيرٌ عَلَى غَيْرِ العِظَامِ طِلابُهَا
فَتَى الدَّعْوَةِ الغَرَّاءِ وَالسِّيرَةِ التِي عَلَى اللهِ أَضْحَى أَجْرُهَا وَثَوَابُهَا
فَتَى الحَزْمِ وَالإِقْدَامِ وَالحَقِّ وَالتُّقَى فَتًى تَفْتَدِيهِ بِالنِّفُوسِ صِحَابُهَا
تَجَشَّمَ فِي الإِسْلامِ مَا يُذْهِلُ النُّهَى عَرَاقِيلَ تُعْيِيِ الصَّامِدِينَ صِعَابُهَا
تَمُوتُ نُفُوسٌ دُونَهَا هَلَعًا كَمَا تَهَشَّمُ مِنْ صُمِّ الصُّخُورِ صِلابُهَا
تَجَشَّمَ مَا تُعْيِي وَتُقْذِي سُفُوحُهَا وَتُدْمِي وَتُرْدِي فِي عَنَاءٍ هِضَابُهَا
هَوَائِلَ فِي أَفْرِيقِيَا وَغَوَائِلاً رَمَتْهُ صَحَارِيهَا بِهِنَّ وَغَابُهَا
وَأْوحَالُهَا مَا غَاصَ فِيهَا وَمَا طَفَا وَأَدْغَالُهَا آسَادُهَا وِذِئَابُهَا
وَأَنْوَاؤُهَا قَرًّا وَحَرًّا تَنَاوُبًا عَلَى النَّفْسِ حَتَّى يَعْتَرِيهَا اضْطِرَابُهَا
وَأَمْصَارُهَا تَشْكُو السَّمَاوَاتِ جَدْبَهَا وَإِنْ خَصِبَتْ حِينًا لَحَاهَا سَحَابُهَا
عَلَى أَرْضِهَا كَمْ حَيَّةٍ مَاتَ بَعْضُهَا وَكَمْ مَيْتَةٍ وَدَّ الفِرَارَ إِهَابُهَا
بِمَخْمَصَةٍ لِلْوَحْشِ تَصْطَادُ إِنْسَهَا فَيَشْبَعُ مِنْهَا نَسْرُهَا وَعُقَابُا
وَأُخْرَى بِأَوْبَاءٍ شَبِيهَاتِ أَنْسُرٍ عَدَا أَنَّها نَامُوسُهَا وَذُبَابُهَا
تَخَالُ أَنَاسِيَّ البِلادِ وُحُوشَهَا تَرُوعُكَ لَوْلا نُطْقُهَا وَثِيَابُهَا
تَجَشَّمَ بِالتَّوْحِيدِ لَيْسَ سِلاحُهُ سِوَاهُ دَيَارًا أَكْبَرَتْهُ رِحَابُهَا
وَرَاعَ دَهَاقِينَ الكَنَائِسِ أَعْزَلاً تَكَسَّرُ بِالصَّبْرِ الطَّويلِ حِرابُهَا
وَمَا رَاعَهُ إِلا الرَّدَى يُدْرِكُ الفَتَى وَلَيْسَ لَهُ مِنْ مُنْجِيَاتٍ يُثَابُهَا
يُعِدُّونَ لِلتَّضْلِيلِ كُلَّ نَفِيسَةٍ أَعَدَّ لَهَا مَا لَا يُطَاقُ احْتِرَابُهَا
شَهَادَةَ تَوْحِيدٍ مَشَيدٍ عَمَادُهَا وَدَعْوةَ حَقٍّ مُسْتَبِينٍ خِطَابُهَا
رَمَى كُلَّ طَاغُوتٍ بِهَا فَذَوَى وَمَا ذَوَى القَوْسُ مِنْهُ وَالشَّهَادَةُ قَابُهَا
فَتًى شَادَ فِي الإِسْلامِ خَيْرَ مَعَالِمٍ تَنُوءُ نَوَاحِيهَا وَتَسْمُو قِبَابُهَا
فَفِيهِ إِذَا مَا جَدَّتِ النّفْسُ عِزُّهَا وَفِي غَيْرِهِ خُذْلانُهَا وَتَبَابُهَا
فَتَى شَاخَ فِي هَدْيِ النَّبِيِّ مُبْلِغًا رَسَالتَهُ كِيمَا يَظَلَّ شَبَابُهَا
تَقِلُّ الأَقَاصِي وَالأَدَانِي فِعَالَهُ سَمَاءَ عَطَاءٍ لَيْسَ يَخْفَى شِهَابُهَا
فَتًى شَيْخُ أَشْيَاخٍ ورَائِدُ دَعْوَةٍ وَجَوَّابُ آفَاقٍ عَصِيِّ رِكَابُهَا
فَتًى شَاخَ فِي الإِسْلامِ عِلْمًا وَسِيرَةً تَجِلُّ وَلَمَّا يَأْتِ بَعْدُ كِتَابُهَا
وَمَنْ غَيْرُهُ الشَّيْخُ السُّمَيْطُ صَنِيعُهُ بِحَجْمٍ بِحُورٍ مُسْتَفِيضٍ عُبَابُهَا
وَهَتْ دُوَلٌ دُونَ الذِي هُوَ بَاذِلٌ تَهَابُ مَسَاعِيهِ وَلَيْسَ يَهَابُهَا
وَلَوْ كَانَ فِي مَسْعَاهُ إِسْلامُ وَاحِدٍ لَمَفْخَرَةٌ يُعِيِي الكَثِيرَ اكْتِسَابُهَا
فَكَيْفَ بِأَقْوَامٍ وَشَتَّى لُغَاتُهُمْ وَأَهْوَاؤُهُمْ مِمَّا يَطُولُ حِسَابُهَا
لَذَاكَ لَعَمْرُ اللهِ نَهْجُ نُبُوَّةٍ بِخَيْرِ عِبَادِ الله تَمَّ نِصَابُهَا
عَلَى إِثْرِهِ حِيزَ الكَمَالُ وَيُبْتَغَى وَفِي هَدْيِهِ خَيْرُ الوَرَى وَصَوَابُهَا
بِهِ عِزَّةٌ تُرْقِي الذُّرَا كُلَّ مُهْتَدٍ وَمِنْ دُونِ ذَاكُمْ ذِلَّةٌ سَاءَ صَابُهَا
وَحَسْبُكَ هذَا الدِّينُ عِزًّا وَرِفْعَةً وَإِنْ غَرِّتِ الدُّنْيَا وَذَلِكَ دَابُهَا
لِإِعْلائِهِ لا رَيْبَ تُبْذَلُ أَنْفُسٌ لِدَعْوَةِ غَيْرِ اللهِ لَيْسَ انْتِسَابُهَا
وَهَا قَدْ قَضَى الدَّاعِي إِلَى اللهِ نَحْبَهُ وَللنِّاسِ حُزْنٌ لا يُطَاقُ انْتِحَابُهَا
عَلَى فَقْدِهِ تَبْكِي القَبَائِلُ وَالقُرَى دُمُوعًا تَجَلَّى لِلمَعَالِي انْسَكَابُهَا
بِقدْرِ عَظِيمِ الحُبِّ جَاشَتْ صُدُورُهَا وَمَالَتْ بِتِسْكَابِ الدُمُوعِ رِقَابُهَا
فَقَدْنَاكَ يَا ذُخْرَ الدَّعَاةِ وَإِنَّنَا أَلِفْنَاكَ شَمْسًا لا يُطَاقُ غِيَابُهَا
يُشَيِّعُكَ الخَلْقُ الذِينَ بِكَ اسْلَمُوا مَلايِينُ عَنْ بُعْدٍ يَجِلُّ مُصَابُهَا
لَفَقَدْ يَدٍ فِي الخَيْرِ يَزْخَرُ دَّرُّهَا عَلَى فُقَراءٍ مَا كَفَتْهَا قِرَابُهَا
عَلَى الطَّفْلِ تَحْنُو يُذْهِلُ العَيْنَ حَجْمُهُ عِظَامٌ بِلا لَحْمٍ يَدَاهُ جِرَابُهَا
عَلَى الشَّيْخِ مَنْهُوكَ القَوَامِ بِهَيْأَةٍ تُرَجِّي المَنَايَا عَلَّ يُفْتَحُ بَابُهَا
عَلَى أُسَرٍ فَضْلُ النَّبَاتِ فِرَاشُهَا وَأَسْقُفُهَا جُدْرَانُهَا وَقِبَابُهَا
حُبُوبٌ يُنَاوِيهَا الفَسَادُ طَعَامُهَا وَآسِنُ أَوْشَالِ الوُحُولِ شَرَابُهَا
لِفَقْدِ خُطًى فِي اللهِ تَسْعَى حَثِيثَةً فَجْيْئَتُهَا شُكْرٌ وَهَدْيٌ ذَهَابُهَا
مَوَاطِئُهَا صَخْرٌ وَوَعْرُ وَسَبْخَةٌ إِذَا الأَرْضُ للأَقْوَامِ لانَ تُرَابُهَا
فَكَمْ جَبِلٍ جَابَتْ وَوَادٍ وَغَابَةٍ وَمَسْتَنْقَعَاتٍ ألأَفَاعِي حَبَابُهَا
تَرُومُ بِلادَ الجَهْلِ وَالفَقْرِ بِالهُدَى فَيُطْلِعُهَا شَمْسًا يَعِزُّ حِجَابُهَا
لِفَقْدِ عُيُونٍ بِالبَصِيرَةٍ أَبْصَرَتْ مُعَانَاةَ أَقَوْامٍ تَنَاهَى اكْتِئَابُهَا
تَفَقَّدُ مَا يُرْجَى وَإِلا فَغَضَّةٌ عَلَى أَدْمُعٍ حَرَّى يُذِيبُ الْتِهَابُهَا
لِفَقْدِ لِسَانٍ لَقَّنَ القَوْمَ ذِكْرَهُمْ شَهَادَةَ تَوْحِيدٍ عَظِيمٍ ثَوَابُهَا
فَكَمْ مُسْلِمٍ مِنْ بَعْدِ جَهْلٍ وَظُلْمَةٍ وَكَمْ قَرْيَةٍ بِالنُورِ شَعَّتْ رِحَابُهَا
جَزَاكَ عَظِيمُ المَنِّ عَنْهُمْ مَثُوبَةً وَمَغْفِرَةً جَنَّاتِ عَدْنٍ تُثَابُهَا
وَأَنْزَلَ مِنْ فَضْلٍ شَآبِيبَ رَحْمَةٍ تَجُودُ عَلَى مَثْوَاكَ ضَافٍ سَحَابُهَا
وَبَارَكَ فِي عِلْمٍ وَإِرْثٍ تَرَكْتَهُ وَآثَارَ خَيْرٍ جَلَّ عَنَّا اكْتِتَابُهَا
فَإِنْ مِتْ ما مَاتَتْ فِعَالُكَ فِي الوَرَى تُجَازِيكَ دَعْوَاتٍ بِهَا تُسْتَجَابُهَا
بِمَا بِكَ مِنْ أَدْوَاءَ لَمْ تَنِ هِمَّةً مَسَاعِيكَ فِي الخَيْرَاتٍ زَاكٍ عُجَابُهَا
فَفِيكَ أُعزِّي أَمَّةً الخَيرِ كُلِّهَا بَتَعْزِيَةٍ خَيرُ الدُّعَاءِ لُبَابُهَا
وَأَهْلِيكَ خَيْرَ الأَهْلِ كَمْ قَدْ صَحِبْتَهُمْ فَطُوبَى لَهُمْ مَسْعَاكَ طُوبَى انْتِسَابُهَا
رَحَلْتَ عَنِ الدُّنْيَا الغَرُورِ مُقَدِّمًا لِنَفْسِكَ مَا يَرْجُوهُ مِنْهَا مَآبُهَا
وَمَا المَرْءُ إِلا مَا يُقَدِّمُ فَلْتَنَمْ وَنَفْسُكَ عِنْدَ اللهِ يُسْرٌ حِسَابُهَا
لَقَدْ رَجَعَتْ مَرْضِّيَّةً مُطْمَئِنَّةً يُيَمَّنُ فِي يَوْمِ الحِسَابِ كِتَابُهَا
كَذَلِكَ نَرْجُو حُسْنَ ظَنٍّ بِرَبِّنَا يُجَازِي عَبَادًا فِيهِ كَانَ احْتِسَابُهَا
وَفِي رِفْعَةِ الإسْلامِ كَانَ ذَهَابُهَا حَيَاةً تَسَامَتْ بِالهُدَى وَإِيَابُهَا
وَإِقْدَامُهَا نَحْوَ العُلا وَخِطَابُهَا بِحَقٍّ لِإِصْلاحِ الوَرَى واغْتِرَابُهَا