لَكِ اللهُ يَا شَامَ العُرُوبَةِ جَارُ فَقَدْ طَمَّتْ البَلْوَى وَعَزَّ جِوَارُ
لَكِ اللهُ مِنْ بَطْشِ الأُلَى كَفَرُوا الهُدَى وَسَاقُوا الرَّدَى مَسْتَرْهَبِينَ وَجَارُوا
رَأَوْا مَوْتَهُمْ فَاسْتَنْقَذُوا غَيْرَ مُنْقَذٍ بِخَلْقٍ بَرِيءٍ أَلْقَمُوهُ وَفَارُوا
وَمَا مِنْهُ إِنْقَاذٌ وَلكِنْ مِنَ اللَّظَى إِذَا هُمْ إِليَهِ بِالجَهَالَةِ سَارُوا
لَقَدْ أَحْبَلُوا العَامَ الأَخِيرَ مَجَازِرًا بِأَضَعَافِ مَا فِي الأَرْبَعِينَ أَدَارُوا
عِصَابَةُ سُوءٍ بِالمَخَازِي تَلَطَّخَتْ صَنَائِعُهُمْ فِي العَالَمِينَ ضِرَارُ
عَلَيْكِ مِنَ المُوسَادِ أَقْسَى ضَرَاوَةً تَرِقُّ وَمَا رَقُّوا عَلَيْكِ شِفَارُ
أُسُودٌ وَلَكِنْ مِنْ بَرَاثِينِ فَارِسٍ وَأَنْيَابِ رُوسٍ لِلطُّغَاةِ تُعَارُ
وَأَضْرَاسِ حِزْبٍ فِي الجَنُوبِ مُقَاوِلٍ عَلَى أَنْ يَطَالَ المُسْلِمِينَ صَغَارُ
أَمُنْتَسِبٌ للهِ وَهْوَ عَدُوُّهُ شِعَارٌ عَلَى قُبْحِ الفِعَالِ سِتَارُ
تَوَلَّى خُمَيْنِيًّا تَمَادَى ضَلالَةً دَعَاوَاهُ غَيٌّ وَالصَّنِيعُ شَنَارُ
وَكَمْ حَذَّرَ الأخْيَارُ مِنْهُمْ وَإِنَّما تُعُومِيَ حَتَّى مَا يُفِيدُ حِذَارُ
فَيَا شَامُ وَالإِقْدَامُ مِنْكِ بَسَالَةٌ تُجِيزُ وَسَيْرُ الخَائِنِينَ عِثَارُ
وَيَا شَامُ وَالأَيَّامُ تَبْلُو رِجَالَهَا رِجَالُكِ إِنْ شَحَّ الزَّمَانُ كِبَارُ
وَيَا شَامُ صَبْرًا يَكْشِفُ الكَرْبَ حُسْنُهُ فَمَا طَالَ لَيْلٌ يَقْتَفِيهِ نَهَارُ!
وَيَا حِمْصُ نَصْرُ اللهِ لا رَيْبَ حَاصِلٌ وَإِنْ كَانَ نَصْرُ اللهِ فِيكِ يُثَارُ
لَكِ العِزُّ لا لِلْخَائِنِينَ وَصَمْتِهِمْ وَحَلَّ عَلَيْهِمْ لَا عَلَيْكِ حِصَارُ
عَلَى كُلِّ مُسْطِيعٍ مَنَاصَرَةً وَلا يُنَاصِرُ إِلا وَالفُلُوسُ عِذَارُ
وَلَوْ شَاءَ رَبِّي عَجَّلَ النَّصْرَ إِنَّمَا عَلَى حِكْمَةٍ مِنْهُ الأُمُورُ تُدَارُ
يُمَحِّصُ حَتَّى يَسْتَبِينَ خِيَارُ وَيَهْلِكَ مِنْ بَعْدِ البَلاءِ شِرَارُ
ومَا الخَيْرُ إِلَّا فِي الهُدَى فَبِنُورِهِ إِلَى الحَقِّ يُهْدَى إِذْ عَلَيهِ يُسَارُ
أَقِيمُوا بِنِي شَامٍ صُدُورَ إِبَائِكُمْ فَقَدْ حَانَ أَنْ يُخْزِي العَدُوَّ فِرَارُ
وَلا تَتَحَرَّوْا مَجْلِسَ الأَمْنِ إِنَّهُ رِدَاءٌ لِأَطْمَاعِ القِوَى وَإِزَارُ
وَمَا هُوَ إِلَّا لُعْبَةٌ يُتْقِنُونَهَا فَتَسقُطُ مِنْهَا أَمْصُرٌ وَدِيَارُ
فَكَمْ أَزْمَةٍ عَوْصَاءَ حَلَّتْ بِأُمَّةٍ لَتَحْلِيلِهَا لا الحَلِّ كَانَ قَرَارُ
وَلا تَرْقُبُوا إِسْعَافَ جَارٍ لَطَالَمَا أَسَاءَ جِوَارًا فِي البَرِيَّةٍ جَارُ
وَلَكِنْ بِأَيْدِيكُمْ أَعِيدُوا كَرَامَةً وَإِلَّا فَمَا غَيْرُ المَنُونِ خِيَارُ
بِجَيْشٍ جَلِيلِ الدَّرْءِ حُرٍّ جُنُودُهُ بَوَاسِلُ وَالنَّقْعُ اللمَهِيبُ مُثَارُ
تَصَدَّوْا لِغَارَاتِ العِدَى غَائِظِي العِدَى وَلِلِنَّارِ فِي مَرْدَى النٌّفُوسِ أُوَارُ
بَوَارِدُ أَكْبَادٍ مُرِيدُوا شَهَادَةٍ وَأَكْبَادُ عُبَّادِ الحَيَاةِ حِرَارُ
تَرَاهُمْ عَلَى شُحِّ السَّلاحِ أَجَاوِدًا تَطُولُ بِأَيْدِهِمْ وَهُنَّ قِصَارُ
بَفقْرِهِمُ للهِ وَهْوَ وَلِيُّهُمْ تُدَكُّ لِأَصْلابِ الطُغَاةِ فِقَارُ
يَزِيدُهُمُ فَتْكُ العَدُوِّ صَلابَةً وَيَلْحَقُهُ مِمَا قَضَوْهُ خَسَارُ
يَمُوتُونَ فِي إِعْلاءِ تَوْحِيدِ رَبِّهِمْ لِتَزْكُوَ مِنْهُمْ أَفْرُعٌ وَثِمَارُ
وَمَا عَيْشُ دُنْيَاهُمْ سِوَى عَيْشِ سَاعَةٍ إِلَى جَنَّةِ الرِّضْوَانِ حَيْثُ قَرَارُ
يُشَرِّفُ دِينُ اللهِ مَنْ هَانَ أَصْلُهُ وَلا يَنْفَعُ الغَاوِي السَّفِيهَ نِجَارُ
لَقَدْ طَالَ شَرُّ الظَّالِمينَ وَجَوْرُهُمْ وآنَ لَهُ دَفْعٌ وحَانَ نِفَارُ
وَأَنَّى! وَقَدْ عَاثَ العِدَى بِدِيارِنَا وَمَا حُمِيتْ للمُسْلِمينَ ذِمَارُ
تُرَى الحُولَةُ المِزْري العَدوُّ بِحَالِهَا وَفِي حَالِهَا أَعْتَى الطُّغَاةِ يَحَارُ
تَئِنُّ أِنِينًا وَاصِمًا كُلَّ خَاذِلٍ فَكَمْ سَامِعٍ وَصْمٌ عَلَيْهِ وَعَارُ
وَكَمْ حُولَةٍ فِي الشَّامِ دَوَّتْ غِرَارَها وَلَيْسَ سِوَى خَذْلِ النِّدَاءِ غِرَارُ
فَيَا حُولَةَ الإِسْلامِ أَسْمَعْتِ إِنَّما يُلّبِّيكِ مَنْ يَأْبَى الوَنَى وَيَغَارُ
وَبَصَّرْتِ حَتَّى أَنْكَرَ العَيْنَ جَفْنُهَا وَلَكِنَّ أَيْدِي المُخْلِصِينَ قِصَارُ
وَأَنَّبْتِ حَتَّى أَنْطَقَ الصَّخْرَ وَقْعُهُ عَدَا أَنَّ تَأْنِيبَ الذَلِيلِ هِذَارُ
يَكَادُ ذَوُو الإِحْسَاسِ مِنْ كُلِّ وِجْهَةٍ يُلَبُّونَ كِي تُرْمَى هُنَاكَ جِمَارُ
فَلا طُوِيتْ نَحْوَ النِّدَاءِ مَفَاوِزٌ وَلا مُخِرَتْ نَحْوَ المُصَابِ بِحَارُ
أَ مْنْتَظِرُو شَعْبٍ يُبَادُ جَمِيعُهُ وَيَقْضِي عَلَى كُلِّ البِلادِ دَمَارُ
كَذَلكَ كَادَتْ أَنْ تَكُونَ فَأَهْلُهَا مَنَازِلُهُمْ دُونَ القُبُورِ قِفَارُ
فِعَالَ نَظِامٍ ضَامَ شَعْبًا بِأَسْرِهِ عَلَيْهِ بَأقَسْى المُهْلِكَاتِ أَغَارُوا
بُغَاةٌ عَتَوْا سَفْكًا وَهَتْكًا عَتَادُهُمْ حَدِيدٌ عَلَى أَهْلِ الصَلاحِ وَنَارُ
طَغَوْا سَفَهًا كَلْحَى الوُجُوهِ تَرُوعُهُمْ وُجُوهٌ بِنُورِ البَيِّنَاتِ نِضَارُ
وُجُوهٌ بِمَاءِ الطُّهْرِ تَقْوى تَوَضَّأَتْ وَجَمَّلَ مَرْآهَا هُدًى وَوَقَارُ
لَهُمْ سُنَّةُ المُخْتَارِ شَرْعٌ وَمَنْهَجٌ وَقِبْلَتُهُمْ أُمُّ القُرَى وَمَنَارُ
رَضُوا بِبَلاءٍ صَابِرِينَ أَعِزَّةً إِذَا غَرَّ كُفَّارَ النَّعِيمِ يَسَارُ
وَمَا دَفَعُوا هَذَا البَلاءَ بِذِلَّةٍ وَهَلْ لِامْرِئٍ ذَاقَ الهَوَانَ فَخَارُ
وَلَكِن بِإِيمَانٍ وَصَبْرٍ وَدَعْوَةٍ وَسَيْفٍ دَمُ العَادِي عَلِيهِ جُبَارُ
وَظَنِّهِمُ بِاللهِ حُسْنًا فَإِنَّهُ بِحِكْمَتِهِ كُلُّ الأُمورِ تُدَارُ
وَمَا هِيَ إِلا سَاعَةُ العُسْرِ عَقْبُهَا رَخَاءٌ بَتَحْكِيمِ الهُدَى وَيَسَارُ
سَتُسْفِرُ مِنْ بَعْدَ العَجَاجِ نَقَاوَةٌ وَيُكْنَسُ مِنْ بَعْدِ السُّقُوطِ غُبَارُ