(انتظارٌ على ضفاف الوقت)....
مَا كُنْتُ أَحْلَمُ أَنْ أَرَاهَا
حِينَ كُنْتُ عَلَى ضِفَافِ الوَقْتِ وَحْدِي
كُنْتُ أَرْقُبُ أَيَّ قَافِلَةٍ تَجِيءُ إِلى مَدَائِنِ لَوْعَتِيْ
فِإِذَا بِهَا تَأْتِي مِنَ الغَيمِ البَعِيدِ
وَفِي يَدَيهَا مِنْ حَمَاقَاتِ النَّهَارِ ضِيَاؤهُ النّعْسَانْ
وَإِذَا بِهِ شَعْرُ الليَالِي الغَاضِبَاتِ مَعَ الرِّيَاحِ
يَطِيْرُ فَوقَ رُؤوسِنَا،،، وَيُظلُّنَا فِي مُلْتَقَى النِّسْيَانْ
وَالرِّمْشُ مَلْءَ الرّمْلِ يَنْفُثُ بِالدُّمُوعِ
تَقَاطَرَتْ مِنْ وَجْنَتَيْهَا فَوقَ سَاغِبَةِ المَكَانِ حِكَايَتَانْ
مَا كُنْتُ أَحْلَمُ رُغْمَ هَاجِرَةِ السُّكُوتِ تَعَانُقُ الأَغصَانْ
قَالَتْ وَقَالَتْ ثُمَّ قُلْتُ
فَلَمْ نَرَى إِلّا صُعُودَ الهَمْسِ بَيْنَ الكَائِنَاتِ تَشَابَكَتْ
وَتَكَوَّنَتْ مِنْ لَحْظَةِ الإِيمَانِ مِنْ صِدْقِ التَجَلِّي أُلْفَةٌ وَمَنَارَتَانْ
أَحَبِيبَتِي هَلْ أَنْتِ أَنْتِ؟
"أَلَا تَزَالُ الذِّكْرَيَاتُ الخَمْسُ في أَلَقِ الطُّفُولَةِ بَينَنَا
وَعْدٌ وَمِيعَادٌ
وَقِصَّةُ طَائِرٍ مَهْمَا يُسَافِرُ كَانَ يَسْمَعُ هَمْسَنَا
وَعَرُوسَةُ الصُّوفِ التي كانت تُشَاغِبُ مِثْلَنَا
وَتَحَالُفٌ ضِدَّ الذِي يَهْوَاكِ غَيرِي" إِنَّنَا كُنّا مَعَا
ثُمَّ افْتَرَقْنَا عِنْدَ فَاتِنَةِ الدُّروبِ الخَمْسِ
حِينَ أَتَى الفِرَاقُ لَأَجْلِهِ
كَانَ العَدُوُّ هُوَ الحبِيبْ
وَيَدَاكُمَا تَتَعَانَقَانْ
وَأَدَرْتِ ظَهْرَكِ لِلزَّمَانْ
وَضَيَاعُ دَرْبٍ لَا يَدُلُّ إِليكِ
والصَّمتُ المهانْ
أَمَّا أَنَا فَلَقَدْ جَلَسْتُ عَلَى ضِفَافِ الوَقْتِ انتَظِرُ الأَمَانْ
فَأَتَى الغِيَابُ هُنَا لِيَسْأَلَ عَنْ حُضُورِ مَنَابِعِ الإِنْسَانْ
- مَنْ أَنْتَ؟ مِن أيّ البِلَادِ أَتَيتَنَا؟
فَأَجَبْتُهُ وَأَنَا الغَرِيبُ:
تَصَارَعَتْ فِي الذَّكْرَيَاتِ حَقِيقَتِي
وَبِجَانِبي تَتَلَاطَمُ الشُّطْآنْ
وَأَنَا هُنَا أَمْشِي بَعِيدًا فِي مَجَاهِلِ صَرْخَتي
وبيَ الرّحِيلُ مِنَ الهَوَانِ إِلَى الهَوَانْ
- مَنْ ذَا أَكُونُ؟! وَمَنْ أَنَا؟!
أَأَقُولُ أنَّ مَدَامِعِي كَالغَيمِ
تمُطِرُ طُولَ عُمْري ثم تُثْمِرُ في حَيَاتي نَكْبَتَانْ
أَأَقُولُ إِنّي كِدْتُ أُسْرِجُ خَيلَهَا وَ جُنُونَها
لأَسِيرَ نحوَ سَرَابِهَا وَأَهِيم في تلكَ النَّبَاتَاتِ العِذَابِ
لأَقْطِفَ الدُّنيَا
وَأَمْلأ في سلالِ الوَرْدِ طُهْرَ حِكَايتِي
وأسِيرُ ما بينَ الزَّمَانِ إِلى الزّمَانْ
مَا كُنتُ أَحْلَمُ أَنْ أَرَاهَا مَرَّةً أُخْرَى تُدِيرُ الظَّهْرَ سَالِمَةَ الرّؤى
وَأَنَا انْتَظَرْتُ هُنَا انْتَظَرْتُ العُمْرَ كُلَّ العُمْرِ عَلَّ حَبِيبَتِي
مِنْ خَلْفِ سَاهِرَةِ النُّجُومِ تَجِيءُ مِنْ أَجْلِي
وَلَكِنْ حِينَ جَاءَتْ أَعْلَنَتْ مِنْ فَوقِ رَاحِلَةِ الكَوَاكِبِ غَدْرَهَا
وَعَلَى خُدُودِ العِشْقِ تَبْدُو دَمْعَةٌ و عَلَامَتَانْ
مَا كُنتُ أَحْلَمُ أَنْ أَرَاهَا رُغْمَ فَاضِحَةِ العُيونِ تَطِيرُ عَنِّي
ثمّ يَصْرُخُ بِالوَدَاعِ جَبِينُهَا وَنِكَايَتَانْ
سعيد العواجي...
...
..