شعري الصّدى لتوجعي

عُدِّي علي َّ الشعر مـن عـثراتي
وقدِ انصرفتُ إليه مـن نـكساتي

مـا كـان إلا أدمـعًا مـقهـورةً
فـدَعِـيه مـغتربًـا كـغربةِ ذاتي

إني تـعبتُ بـهِ وأتـعبه مـعي
لم يغنني في البحثِ عـن أشتاتي

كان الصَّدى لتوجعي أصـدرتـُه
وأنـا أطـالعُ هـمَّ عمري الآتي

صدَّقتُ كذبةَ منْ يـصدقُ كـذبتي
في مـطمع ٍبـغدٍ يـنير حـياتي

وصُدِمتُ صدمةَ من يلاحقُ ظامئا
لمـع السراب فـعاد بالـحسرات

لا تـحسبي حـيًّا يـتيمَ قـصيدةٍ
وُئِـدتْ فلا شـعرٌ يـضمُّ رفـاتي

فلقد تـجرعتُ الأمـرَّ فأصـبحتْ
لا تـشتهي إلا الأسـى أبـياتـي

وانشقَّتِ الأفراحُ عن حـسِّي فـلا
توقـا ولا ألــقا عـلى قـسماتي

في موطنٍ نـُهـبَتْ رؤاه مـجرَّدٌ
قـد مـزّقته مـخالبُ الـمأسـاةِ

لم يستطعْ ردَّ الأذى عـن نـفسه
فـبنوه نامـوا والهمومُ عَـواتِ

فـشماله مـمشى الرّدى وجنوبه
مـلهى الفناء ومـسرح الأزمـاتِ

يـكبُو ولا آس بــكى نـكباتـِه
أو رقَّ لـلأحــلام مـنكسـراتِ

فـزفـيره تـصديرُ فيح ِ شكاتِهِ
وشـهيقُهُ اسْـتيراد كـلّ شـكاةِ

في هونه ركبتْ مـطاهُ هـزائـمٌ
وعلا على المحرابِ ذو الـنّزواتِ

فأثــرتُ مـرثياتـهِ فـي داخلي
ونثرتـُها فـي الـقلب كالجمراتِ

وبكتْ مـعي أحلى فصول حكايتي
وطنًا عـزيزا كـان كـلَّ صلاتي

ووقفتُ لـم أجدِ الـسبيلَ لرحلتي
والخوفُ سدَّ عـليَّ كـلّ جـهاتي

فعجزتُ عن تفسير ضيعة أمـتي
وخـضوعـها للـيل والـظلماتِ

وعن انْـتكاس الـطيّبين وذلِـهم
وشـماتـة الأحـياءِ بالأمـواتِ

فلبست ثوب الـشّعر غـير مخيَّر
ليكون سترا فـي زمـان عـراةِ

فـتقبّليهِ ولـو تـرينـَه أسـودًا
فـلقد سـقيتُهُ مـن حدادِ دواتي

وصنعتُ مـنهُ قـوالبا لـنوائبي
وجعلتُ منه لـصاحبي مـرآتي

فيرى الدّموعَ وإنْ أريتـُهُ بسمةً
كنتُ اصطنعْتُ بريـقها لعـُداتي

ويغوصُ يسمعُ أنـَّة ًّ في داخلي
غطـّـيتها في ضجَّةِ الضّحكاتِ

هذا هو الشّعر الـذي عيَّرتـِنِي
بضياع عمري فيه دونَ لدَاتـِي

هو مركبي في أبـحر لسواحلي
إن كـان ربّــك قـد أرادَ نـجاتي