رسالة الليلة ..

أرجحتني على هواها حبالي بين حُلمٍ وواقعٍ ومُحالِ
كذب الشّعرُ إذ تعاظمَ فخرًا وكأنّي بحِيْرَتي لا أُبالي
لستُ طوْدًا، ولستُ يا شِعْرُسيْفًا لستُ صقرًا على أعالي الجبالِ
أناْ روحٌ مُسافرٌ عُمقَ صمتي حائرًا، مُتعَبَ الخطى في خيالي
ذرفتني السماء نجمةَ شعرٍ لمّتِ الضوءَ من بقايا زوالِ
لحظةَ التّوْقِ كنتُ طفلاً بريئًا ذائبًا كالحياء في أسمالي
لا أُجيدُ الغناءَ في حفلِ يُتمي بَيْدَ أنّي كَسَبتُ جاهي ومالي
لطمتني صروف دهري كثيرًا وتقمّصْتُ وِقفةَ الأبطالِ
ثُرْتُ واجتَحْتُ حَيْرَتي بالتحدّي وتفكّرتُ في صروف المآلِ
لم أكُنْ قطُّ في حياتي جبانًا أناْ مثلُ الأنامِ في كُلّ حالِ
تعتريني شجاعتي ذاتَ حينٍ ومِرارًا يهزُّني زلزالي
حين يهمي الظلامُ مُزنَةَ شوْقٍ أنزوي خلفَ أحرفي وابتهالي
مُسْتَفَزٌّ دمي، عَزومٌ ندائي مستهامٌ بأمنياتِ الوصالِ
حشد الضوءُ جيشهُ في جفوني وغزا الليلُ أضلعي بانشغالي
رجلًا كُنتُ في دقائق عُمري اقضُمُ العُمرَ مثل باقي الرجالِ
كسرتْني وعودُ من لم يجيئوا قذفتني لوحدتي وانعزالي
أنتِ لا تفهمينَ ساحرَ شِعرٍ تتخطّاهُ روحُهُ للضّلالِ
تَنشُدين الكمالَ من مُسْتَثارٍ لا تثوري، فلستُ عَبْدَ الكمالِ
سدّدي رميةً لعُمقِ فؤادي أو أريحيهِ من عناءِ السؤالِ
لن تنامي على أسرّةِ وَرْدٍ إن زرعتِ الأشواكَ في أوصالي
أقصِري عنْ لجاجةِ الشّكّ يا من فيكِ أُنثى تضمّخَتْ بالجمالِ
بادريني بما لديكِ ترَيْني مُغدِقَ الروحِ من فنونِ الدلالِ
أناْ أرضٌ تعُجُّ بالزهرِ نبتًا نظرةٌ منكِ تستبيحُ احتلالي
لا أُطيقُ الرياحَ تجتاحُ وجهي والصراعاتِ تستبيحُ اغتيالي
خذلتْني النجومُ إذ كُنتُ بَدرًا أبذُلُ النورَ في عيونِ الليالي
أسمِعيني النشيجَ ولتسمَعِيني تعِبَ الحُبُّ من ضجيجِ القتالِ
حمّليني ما شئتِ من أمنياتٍ وخذي الشعرَ مُغدق الارتجالِ
أرجحيني على حبالِ هيامٍ أغرقيني بسوْرةِ الإنفعالِ
أجّجي ما تشائين في بحرِ قلبي غيْرَ هذا الخنوع والامتثالِ
سرّحي شَعرَ ليْلتي..، هدهديها داعبيها بالقصّ كالأطفالِ
أنتِ أُمُّ الجراحِ، كوني رؤومًا إن تمادَتْ بالنزفِ والإبتلالِ
أوجعيني بالكيّ علّيَ أبرا أنقذيني من حيْرَتي والهزالِ
أو فغيبي عن النهارِ بعيدًا مثل كلّ الشموسِ في الاصالِ
دعْكِ منْ حُرقةِ اللظى في جنوبي واسكني الثلجَ في أقاصي الشمالِ
كُنتُ ما كُنتُ..، شاعرًا أو دعيًّا وارتكبْتُ الذنوبَ حين انفعالي
لم أقُلْ أنني نبيّ زماني ربّما قدْ تعِبْتُ من أحمالي
صفّدتْني الخطوبُ حتّى كأني صرتُ بعض الحديدِ في أغلالي
لمْ تُصِبْ غيمةُ الرجاءِ يباسي أدبَرَتْ بالرواءِ خلف الجبالِ
لستُ منْ يشتكي، ولستُ كتومًا بين هذا وذاك أُلقي رحالي
أشرعَ الدهرُ بابَهُ لرؤانا لا تجوري عليْهِ بالأقفالِ
إن تَفيضي عليّ نهْرَ حنانٍ أو تشُحّي عليّ بالإطلالِ
سوفَ أبقي على الندى في يميني وليدُمْ مُضرَمُ الشعورِ ببالي
أتلظى، وأتّقي، وأُماري أتمنّى وأنتشي وأُغالي
هكذا كُنتُ سائرًا وسأبقى بين حُلمٍ وواقعٍ وخيالِ





.