شــهـــيـــدُ الأنـفـاق


..

بطل من أبطال فلسطين استشهد ولم يشيعه أحد, كان آخر العهد به وهو يدخل نفقا غزاويا ليجلب شيئا من الكرامة لأمته ..
..

مَاجَرَّبَتْ في سَاعِدَيْكَ نِفَاقَا لمَّا رأتكَ تُهندِسُ الأنْفَاقَا
إيمانُ مِعْولِكَ الذي أيْقَـظْتَهُ لو مَسَّ قَلْبَ كَبِيرِهم لأفَاقَا
عَهِدَتْكَ بالْمِقْلَاعِ تحرسُ تِينَها وَتَذُودُ عن زيتونِها السُّرَّاقَا
وَرَأتْكَ تَفْدِي الْقُدْسَ نَحْرُكَ دُونَهُ تَلْقَى "الأبَتْشِي" مُفْرَدًا عِمْلاقَا
أَنَا يابنَ غزَّةَ حينَ يُحْرِقُني الأسَى أَسَفًا على مَنْ بدَّلُوا الأخْلَاقَا
لأكَادُ أكْتُبُ مِنْ لَهِيبِ مَشَاعِري مايُحْرقُ الأقْلَامَ والأوْرَاقَا
يامَنْ شَمَخْتَ مَعَزّةً لمَّا انْحَنَوا مُتَذَلِّلِينَ وأَطْرَقُوا إِطْرَاقَا
وَأَجَبْتَ حَيَّ عَلَى الْجِهَادِ مُكبِّرًا لمَّا غَدَوا لنُعاتِهِ أبْوَاقَا
قَاوِمْ وَحَطِّم في الثَّرى طُغْيَانَهُم حَاشَاكَ لَسْتَ مُحَاصَرًا ومُعَاقَا
مَنْ كُنْتَ في هَذَا الزَّمَانِ ابْنًا لَهَا لَنْ تَشْكُوَ الإِذْلَالَ والإِمْلَاقَا
هُمْ يَخْنُقُونَ ..تَفَنَّنُوا في خَنقِهَا فَبَرَرْتَها لَمَّا فَكَكْتَ خِنَاقَا
نَادَتْ.. بُنيَّ خُنِقْتُ.. أيْدِي ظَالمٍ حَجَبَتْ رُؤايَ تُطَوِّقُ الأعْنَاقَا
شُحِذَتْ سَكَاكِينُ السَّلامِ بِجَبْهَتِي لِتُقطِّعَ الأحْلَامَ والأرْزَاقَا
كَانَتْ شُمُوسُ الْحُبِّ تَرقُصُ حَوْلَنَا وَتَصُبُّ فَوْقَ حُقُوْلِنَا الإِشْرَاقَا
كَانَتْ هُنَا قُدْسيَّةً أَنْسَامُنا فَإِذَا دُخَانٌ لوَّثَ الآفَاقَا
إِنْ كَانَ ذا المُحْتَلُّ يَلْوِي سَاعِدِي مَابَالُ ذِي الْقُرْبى يَشُدُّ وِثَاقَا
مَالِيْ أَرَاهُمْ قَدْ أَحَلُّوا مَقْتَلِي وَعَدَوا عَلَيَّ أَجَانِبًا وَرِفَاقَا
ظَمْأَى أَمُوتُ..وَلَيْسَ ثمَّةَ مَوْرِدٌ إِلَّا دَمِيْ أَيْنَ الْتَفَتُّ مُرَاقَا
إِلَّا دُمُوعِي النَّازِفَاتِ كَأَنَّها حُمَمٌ تُحرِّقُ نَارُهَا الآمَاقَا
ظَمْأَى وَمِنْ أَحْدَاقِهَا ودِمَائِهَا مَلَأَ الْغَرِيبُ دِنَانَهُ وَتَسَاقَى
نَادَتْ وَنَادَتْ لامُجِيبَ سِوَى الصَّدَى يَرْتدُّ ثمَّ يَزِيدُهَا إِحْرَاقَا
فالشَّامُ مَاعَادَتْ عَلَى صَوْلَاتِها شَامًا وَمَا عَادَ الْعِرَاقُ عِرَاقَا
وَيْحَ الْعُرُوبَةِ لا تُسُلُّ سُيُوفَهَا إِلَّا لِتَقْطَعَ كَفَّهَا والسَّاقَا
قَدْ أَيْقَظَتْ أَضْغَانَهَا الأُولَى فَأَنْــ ـَتَجتِ الْبَسُوسُ فَصَائِلاً وَنِيَاقَا
نَادَتْ وَلَيسَ سِوَاك يُشْعِلُه النِّدا أنَّى وَأَنْتَ أَعَزُّهُمْ أَعْرَاقَا
فَأَجَبْتَهَا لَبِّيكِ ..قَلْبِيَ جَنّةٌ لَكِ إِنْ رَأَيتِ الْكَوْنَ حَوْلَكِ ضَاقَا
أَسْقيتها دَمَكَ الزَّكيَّ سُلَافَةً وَسَقَيْتَهُمْ مِنْ رُوسِهِمْ غَسَّاقَا
يَاوَاهِبًا مَسْرَى النُّبُوَّةِ عُمْرَهُ وَمُطَلِّقَ الدُّنْيا الْغَرَورِ طَلاقَا
مَا الْعُمْرُ إِنْ لم تُدَّخَرْ أيَّامُهُ لِيُسَاقَ فِي عُرْسِ الخُلودِ صَدَاقَا!
هَذِي الْحِجَارةُ مُذْ رَفَعْتَ شِعَارَهَا أَمْسَتْ عَلَى عَهْدِ الْفِدَى مِيثَاقَا
عَشِقَتْ يَدِيكَ وَآنَسَتْ في دِفْئِهَا نَبْضَ الرُّجُولَةِ صَادِقًا دَفَّاقَا
مَاكَانَ مِعْولُكَ الوفيُّ أقلَّ أشْـ ـوَاقًا مِنَ الْمِقْلَاعِ يَومَ اشْتَاقَا
أَهْوَيتَهُ وَلْهَانَ فِي عُمْقِ الثَّرَى جَذْرًا رَوَى مِنْ قَلْبِكَ الأَعْمَاقَا
أَعْمَلْتَهُ في الصَّخْرِ ..فَاعْتَنَقَا ولم أَرَ قَبلَهُ صَخْرًا يَذُوبُ عِنَاقَا
وَنَزَلْتَ تَقْطرُ في حَشَاهَا بَلْسَمًا وَرَكَضْتَ في شِرْيَانِهَا تِرْيَاقَا
وَحَمَلْتَ كِيسَ الْقَمْحِ والْبَارُودِ مِثْــ ـلَ خَلِيَّةٍ لاتَعْرِفُ الإرْهَاقَا
وَهُنَاكَ حِينَ رَأتْكَ في أحْشَائِهَا شمَّتْ جَبِينَكَ... بَاسَتِ الأحْدَاقَا
خَشِيَتْ عَلَيكَ مِنَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا فَطَوَتْكَ بَينَ ضُلُوعِهَا إِشْفَاقَا
ضَمَّتْكَ يا ابْنَ الأرْضِ أُمُّكَ عِنْدَهَا والأَرْضُ أُمٌ مَاتُطِيقُ فِرَاقَا
ضَمَّتْكَ سِرًّا رَائِعًا في قَلْبِهَا حَرِصَتْ عَلَيهِ فَأَطْبَقَتْ إِطْبَاقَا
ضَمَّتْكَ حُلْمًا لايزَالُ بَهَاؤُهُ مُتَألِّقًا بِخَيَالِها رَقْرَاقَا
فَلَرُبَّمَا رَسَمَتْكَ بَينَ نُجُومِهَا قَمَرًا تُقبِّلُ وَجْهَهُ الْبرَّاقَا
وَلَرُبَّما نثَّتْ دِمَاؤُكَ لَيْلَةً فَزَكَا نَسِيمٌ مِنْ شَذَاكَ وَرَاقَا
وَلَرُبَّمَا نَبَتَتْ هُنَالِكَ تِينَةٌ خَضْرَاءُ تَنْشُرُ فَوْقَكَ الأَوْرَاقَا
حَتَّى إِذَا ذَاقَ الصِّغَارُ ثِمَارَهَا لم يُدْرِكُوا غَيْرَ الإبَاءِ مَذَاقَا
بِاللهِ كَيفَ كَتَبْتَ قِصَّةَ عَاشِقٍ أَبْكَى جَمَالُ فُصُولِهَا الْعُشَّاقَا


22 / 9 / 1431 هـ