أسَـكـنـتَ عــمـري أيُّهـا الـتـَّعَـبُ
فاللـيـلُ سـُهْــدٌ والـضحى كـُـرَبُ؟
تـمـشي معي ظلا ً وتـُشـْـرِكـُني
حـقـلي فـيُـدمي غـَرْسَـهُ الجَـدَبُ
مـا لـلــدروبِ عـليَّ مُـغــْـلـَـقـَـة ٌ
إلآ الــتـي أفـيـاؤهـا الــلـهَـــبُ ؟
شـفـة ُ الهوى عطشـى ومقـلتها
رمـداءُ لم تـضحـك لـهـا شـُهُـبُ
عَـقـُمَ الــزمانُ فـليـس من فـَـرَح ٍ
يـأتي .. ولا الأحـزانُ تحْـتـَجـِبُ
شـاخَ الهوى طفلا ً وقد هَـرِمَـتْ
أحـلامُـهُ ... وأحِـبـَّـتي ذهَــبــوا
لا العـشقُ يـنأى عـن فـؤاد فـتى ً
مثلي .. ولا المعـشـوقُ يـقـتـربُ
تـغـفـو جـراحـاتي فـيـوقـِـظـُهــا
وجدٌ له في الـقـلب ِ مُـصْطـَخـَبُ
مـا إنْ يـزور الـلـيـلُ نــافــذتــي
إلآ ويـَـلـطــمُ جـــفــنـَهُ الـهُــدُبُ
هـَـرَبَ الصـبـاحُ فـمـا تـَرِفُّ بـه ِ
شـمـسٌ وليلُ الصَبِّ مُـنـصَـلـِبُ
مُــتـَســانِـدان ِ عـلـيَّ مـن زمَــن ٍ(1)
قـلـبي وهــذا الـمُـفـْصِـحُ الـذرِبُ
لهــمــا عـليَّ يـَـدٌ مُـشـــاكِـسَـــة ٌ
وعلى النعـيم ِالسَّـحْـت ِ مُـنقـَلـَبُ
يا نخلُ : كيفَ الـحـالُ في وطني ؟
كيف الضِـفافُ ونهرُها الـعَـذِبُ ؟
كيف( السماوةُ )؟ كيف( قِشلتها )(2)
وهـل الضحى ما زال يـنـتحـبُ ؟
وهل ( الجديدة ُ) ما تـزالُ على (3)
عهدي بها ؟ أم راعهـا الرُّعُـبُ ؟
والعاشــقـونَ ؟ أمـا يـزالُ بـهـم
خلفَ الحِسان ِالدربُ يصطخبُ ؟
بين الـقـلـوب ِ مَـوَدَّة ٌ .. وعـلى
أحـداقِـهـم يَـتـَراقَـصُ الـشـَّغـَبُ
يَـتـبـادلـونَ بطـَرف ِ أعْـيـنِـهم
غَـمْـزا ً .. وتلك رسائلٌ عَجَـبُ
يا نخلُ والناعورُ ؟ هل طفحتْ
أكــوابُــهُ ؟ أم أهــلـُهُ هـَــربــوا ؟
ضاق العراق على بَـنـيـه ِ فـلا
عَجَـبٌ إذا حَـمََـلـوهُ واغـتـَرَبـوا
والفـاتِـنات ُ ؟ أما يــزالُ عــلى
شط ِّ الفرات ِ لهـنَّ مُصطـَحَبُ ؟
يَضـفـرنَ سَـعـفَ النخل ِ آنـِيَـة ً
يزهـو بها الـرمّـانُ والـعِـنـَـبُ
يا نخلُ : أيـنَ الحَـدُّ في وطـني ؟
فـلـقـد تسـاوى الجـِدُّ والـلـعِـبُ !
إنّ الـســيـوف الــيـومَ كـاذِبــة ٌ
أخـبـارُهـا يا نخـلُ .. والكـُتـُبُ
يـا نخـلُ : ما أبـقـاكَ في وطـن ٍ
كـادتْ تـفـرُّ سـهـولـُهُ الـنـُّجُـبُ ؟
جُرحي عـلى سَـعة ِالعراق ِ فـما
أقـســاهُ حـيـنَ تـَعَــذرَ الـطــَبَــبُ


(1) الذرب : اللسان المفوّه ، اللسِن الحادّ ..
(2) القشلة : من مناطق مدينة السماوة ـ وتسمى أيضا " الصوب الصغير "
(3) الجديدة : من أحياء مدينة السماوة ،حيث كان بيت الشاعر .