عارية

ربيبةُ الملأ ِالأعلى فهل تزِرُ؟!
ما شابَ لؤلؤَةً خَدْشٌ ولا كدَرُ
في سِدرةِ المنتهى كانت مخدَّرةً
عذراءَ لم ترَها شمسٌ ولا قمرُ
مِن نورِها رضعَتْ، حتى إذا فُطِمتْ
ضُمّتْ إلى جسدٍ أَلْباؤهُ مِزَرُ
في عتمةِ الرحِمِ التفًّتْ بشرنقةٍ
وحولَها يترامى عالَمٌ نُكُرُ
تلوذُ قابعةً في ركنِهِ ضجَرًا
ويغتلي كلَّ شهرٍ مِلأَها الحذَرُ
تلك المَشيمةُ ما كانت مشيئتَها
لكنْ على مضَضٍ قد لَفَّها القَدرُ
حتى إذا جُذِبتْ للطينِ هائبةً
تشبّثتْ بِلَهاةٍ وهْي تنحدرُ
بِطفلِها سكنَتْ تغذو بصيرتَه
يرى ملائكةً عن غيرِه سُتِروا
صِنوانِ والتَقيا في غابةٍ زَهِمتْ
وعطرُ فطرتِها في المهدِ منتشرُ
ما ساءَها الحمَأُ المسنونُ في صِغرٍ
حتى اعتراها التِياثٌ ساقَهُ الكِبَرُ
لولا المنامُ وأحلامٌ تسامرُها
أقعتْ بزاويةٍ واللبُّ منفطرُ
تجِمُّ في سالفِ الأوطانِ سائحةً
ويُدهشُ القلبَ ما عادتْ به الصورُ
تُريكَ من عالمٍ في الذَّرِّ قد خبَرَتْ
ما لا يراه هنا جنٌّ ولا بشرُ
يجوسُ أثناءَه جُندٌ مجنَّدةٌ
فربما ائتلَفوا أو ربما نفَروا
تخبو وتسْوَدُّ من دَسٍّ ومن خبَثٍ
كوائدِ البنتِ يغشى وجهَهُ القتَرُ
ولو تزكّتْ ترقّتْ مثلما سبقَتْ
كدُرّةِ العِقدِ أرْبتْ حُسنَها الدررُ
ترنو إلى الفَلكِ العُلْويِّ في شغفٍ
تكادُ تلمسُ عِطفيهِ فتنحسِرُ
تشتاقُ سِدرتَها والأرضُ قلعتُها
والموتُ فُرجتُها إن ضاقَ مُصطبَرُ
واخيبةً! إنْ يكنْ "سِجّينُ" برزخَها
فحالُها عن مَآلٍ بَعدَه خَبرُ
أُعطيتَ مِن لدُنِ الرحمنِ عاريةً
فرُدَّها مثلما جاءتْك يا "عُمرُ".