جرِّبِ الآن أن تعيشَ بدوني
أتَحَدّاكَ يا جميلَ العيونِ
مَنْ سَيُغْنيكَ عن حدائقِ حبي
وأغاني الطيور فوق غصوني
كم قطفتَ الورودَ من هضَباتي
في ارْتخاءِ المساءِ فوق المَعينِ
وتنشَّقْتَ في الذرى هَمَساتي
مُغْمضَ العينِ مُشْرئبَّ الجفونِ
فاغراً فاكَ مثل طفلٍ غريرٍ
ضاحكَ السنِّ عند أمٍّ حنونِ
آهِ ما أزهدَ الرجالَ بغصنٍ
إن دنا منهمُ ومال بِلينِ
أنتَ لم تعرفِ الهوى يا عزيزي
لم تكنْ غيرَ حالمٍ مفتونِ
أعْذُرينِي يَا رُوحَ قَلْبِي اعْذُرِينِي
يَا زَفِيرَ النَّسْرينِ وَاليَاسَمِينِ
يَا قِشارَ الثلوجِ إذ تتهَادَى
يَا اهْتِزازَ الغُصُونِ فَوقَ الغُصُونِ
يَا جُنونَ الاوْراقِ وَالشمْسُ تَجْثو
مِنْ وَراءِ التلالِ فِي تَشرينِ
يَا غَديرَ الشتاءِ كالنايِ يَبْكِي
ذابلاتِ الوُرودِ كَالمَجْنونِ
كَيْفَ قَلْبِي اسْتطاعَ حَبْسَ انْفعالي
كيفَ لمْ يَنفَجِرْ بِدَمْعٍ هَتُونِ
كَيفَ لمْ أكتَرِثْ- وَأنْتَ تَقولينَ
وَداعاً- كَأحْمقٍ مَأفونِ
يَا لَحُمْقِي وَقَسْوَتِي وَغُرورِي
وَأنانيَّتي وَفَرْطِ جُنُونِي
أنَاَ يَا حُلوَتِي ظلَمتكِ ظلما
لم أزلْ منهُ نادماً كلَّ حينِ
فاعْذريني وَسامِحيني وَكوني
فوقَ حُمقي وزلّتي ومُجوني