وطني حَضـَنـْتـُكَ في الفؤاد رَضِـيعا
وبـَقـيتَ عن سـُـنن الفـِطام مـَنيعا

وسَقـْتـْك أوْرِدةُ الجـَنان خـَفـُـوقـَها
ونـَـدَبـْتُ رُوحـِي في فـِداكَ ضـُـرُوعا

ورعـَيتُ في كـَبـِدي هـَـواك بـِلـَـوْعـَـةٍ
وفــَرشـْتُ مَهـْـدَك بالحـَنان ضُـلوعا

وكبرْتَ حتى صـِرتَ مِلْءَ جـَـوارحي
والعـِشـْـقُ دَرَّ بـٍمُهـْجتي يـَنـْبـُوعـا

فبقــِيتُ أقـْتاتُ الحـنينَ لـَـواعـِجـًا
وإدامُ شـوقي ما هَمَيْتُ دُمـوعــا

ورَبـَتُّ جـَنـْبَك كي تنامَ على الذي
تلقاه من بطش الطغاة جَــزوعا

فأبتْ جُفـونُـكَ أن تـُطاوِعَ وَسـْنـَةً (1)
وهجـَرْتَ في لـَيـل الكـِفـاح هـُجـُوعا

عـَمِيَتْ عيونُ العـالمـينَ لـِفـَزْعةٍ
تـَـذَرُ الغـَـدُورَ لشـَعـْبِه مـَقـْمُـوعـا

تـَرَكـُـوكَ لـلـوَغـْـد الحَـقـود تـَشـَفـِّيـًا
حسـِـبوكَ تقضـِي نازفـًـا وصَـريعا

لكنهمْ خسِئوا ، ولـَمـّا يعـْـلـَمـوا
لولا الصلاةُ لـَمَـا عـَـرَفـْتَ رُكـُـوعا

فصنعتَ من طـُهـْر الـرُّفــات قــَواربـًا
و رَفعـْـتَ بـُـرْدًا للـشهيد قـُـلـُوعـا (2)

وعبـرتَ في لُجـَـج الخـُطوب مـُجابهـًا
ريـْحَ الحـَـقود وسـُمـَّه المَنـْقــُوعـا

وكَـسَـرْتَ شـَـوْكـةَ مـُجـْـرمٍ متغـَطـرِس
فارتـدّ في سـَمـَـل (3) الصـَّـغـار خـَـنوعا

وغـرســتَ آلامَ الثـَّكالـَى سـُنـْــبُلاً
ونمَـتْ حـُقـُـولـُك في الشـُّموس زُروعا

وحملتَ جرحـَكَ بـَيـْـرَقـًا تـَـرْقـَى به
ومضيتَ تحضُـنـُـكَ النجـومُ دُروعـا

أذْهـَلـْتَ أهلَ الأرض منك مَهـابةً
لـَكأنّ ( سـَيفَ الله ) هـَبَّ رُجـوعاُ

وكأنّ جـُـندَ الفاتحـين تـَأهـَّــبـُوا
( وأبا عـُبيدةَ ) قـادَ فـِيكَ جـُـمُوعـا

وكأنّ ( صـَقـْرَ قـُـرَيشَ ) فـَـزّ بِـوَثـْبـة
تــدَعُ الجبالَ وبـَحـْـرَها مـَصْـدُوعا

ومضـَى لـِذروة ( قاسيونَ ) مـُخـاطـِبـًا
قــَومـًا أبـَـوا عَـبـْرَ الـدُّهـُور خـُضـوعا

ورَنـَا لأهْـل الغـُوطَـتـَيـْن وهـالـَه
وَغـْـدٌ تـَمادَى بـالخـَنـَا مـَدْفــُـوعا

فدَعـا الإلـهَ بأن يباركَ شامـَنا
ويـَـزيـدَهمْ أجـرَ البـَلاء خـُشـوعـا

يا ربّ عـَجـّـِلْ ( للشآم ) بـِنـَصْرها
واجعلْ خـَـؤونَ دمائهمْ مـَفـْجـُوعا !

************************************************** ***

1 - الوسْنة : النعاس الشديد
2- القــُلوع : أشرعة القوارب
3- السَّمـَلُ : الثوب البالي