يا بنتَ هارونَ خَطْبٌ فيكِ أبكاني
اجتثَّ فرحي وأدْمَى طلعَ أغصاني
شُلتْ يَمِينُ قصيدي من أَسى كَبدِي
وَذاب شِعري على فوْهَاتِ بُركاني
قدِّيسَة الشرقِ يا عذراءُ ، يا جسداً
أراهُ ما بينَ سُرَّاقٍ ومُجَّانِ
"هولاكو" لا يَرْتضي فَكّاً "لِمُعْتصِمٍ"
بل باعَهُ واشترى "نمروذ كنْعانِ"
تَبْكِي عليكِ مَآقي الروحِ من دَمِها
وَتصْطَلي نَارَها أشْلاءُ شرْيَاني
يا مريَمَ العُرْبِ قد فضَّتْ بِكَارتَها
ذئابُ حَرْبٍ تَوشَّتْ جِلْدَ حِمْلانِ
أبوكِ "هارونُ" ما بالسُّوءِ نَعْرفُهُ
بل قد عَرَفْنَاهُ ذا دِينٍ وإِحْصَانِ
وَأُمُّكِ العُرْبُ بَيْضَاءُ الإِزَارَ فَمَا
كانت بَغيّاً ولا أهْلاً لبُهْتانِ
قد أحصنتْ فرجَها بغدادُ واتَّزَرَتْ
مَآزِرَ الطُّهْرِ في جِلْبَابِ إيمَانِ
واليومَ داستْ نِعالُ الكُفْرِ صَفْحَتَها
وَدنَّسَتْ سَطْرَهَا أقلامُ خوَّانِ
قَميْصُ بغدادِنَا قَدْ قَُدَّ مِنْ قُبُلٍ
ما عادَ يسترُها آلافُ قمصَانِ
مَنْ ذا عساه يُواري اليوَم سَوءَتَها؟!
يُقِيلُ عثْرَتَها مِنْ وَطْأةِ الجَاني؟!
"مُلوكُ عَدْنَانَ"؟ قد باعوا مَضَاجِعَهمْ
بِصَاع مُلْكٍ، فيا بخْثاً لأَثْمَانِ
و"جيشُ قَحْطَانَ" أشلاءٌ مُمَزَّقةٌ
تَرْثيِه نائحتا "عبسٍ" و "ذُبْيَانِ"
و"عنترٌ -ويحنا- قد راح من زَمَنٍ
وَلَحْمُهُ كَمُ غَذَا نُوقاً لـ "نُعْمَانِ"
و"خالدٌ" مُزِّقَتْ أَوْصَالُهُ سَفَهاً
بِسَيفِ "كِسْرَى" عَلَى أَبْوَابِ طَهْرَانِ
"أبو حنيفةََ" في الأصفاد أرَّقُهُ
نَوْحُ "ابنِ حَنْبَلَ"من إِجْرامِ سَجَّانِ
أحزابُ "بوش" على الأبوابِ زاحفةٌ
ولا أرى خندَقَاً من بعد "سَلْمَانِ"
وعادياتُ "صَلاحِ الدينِ" ما ضَبِحَتْ
إذْ ماتَ سيّدُها من سُمِّ ساسانِ
والمورياتُ ثكالى الروحِ ماَ قَدَحَتْ
ولا "المغيرات صُبْحاً" تحتَ فرسانِ
وقَوْمُكِ العُرْبُ يا بغدادُ ألسِنَةٌ
تخاف بَتْراً فَتُزْوَى خَلْفَ أَسْنَانِ
"والسيفُ أصدقُ أنباءً"، وخطبتُهُ
تربو بياناً على "قسٍّ" و"لُقْمَانِ"
ما بالُ عينيكِ يا بغدادُ قد رَمَدَتْ
بالدمعِ سَحَّتْ لنا أمواجَ طُوفَانِ؟
رؤيا "أبي لهبٍ عاثَتْ بِمُقْلَتِها؟
أم صلبُ "بوش" لأحداقٍ وأَجْفَانِ؟
ما بالُ خدَّيْكِ حَمْرَاوانِ؟ من فَرَحٍ؟
أم يا تُرَى صبغةٌ من دَمِّ "عُثْمَانِ؟
ما بالُ شَعْرِكِ قَدْ جُذَّتْ جَدَائِلُهُ؟
مَهْراً لـ"ليِزَا"؟ وقُرْبَاناً لصلْبَانِ؟
كم كانَ مُنْسَدِلاً "شَطّ الفُراتِ" لَهُ
حِجَاب "عائشَ"، يا طِيْباً لأَرْدَانِ!
ما بَالُ ظَهْرِكِ مَجْلُودٌ ومُنْصَدِعٌ؟
و"دِجْلَةٌ" فِيهِ يجري مَاؤهَ القَاني؟
"أسَوْط حدٍّ أرى؟" يا ويْحَ مظلمةٍ
تُحَدُّ "مريمُ" كيما يَسْلَم الزَّاني؟!!
ما بالُ كَفَّيْكِ زرقاوانِ قد وَرِمَا؟
من نارِ "نِيرُونَ"؟ أم من بَطْشِ "سستَاني"؟
أنا "ابْنُ زَيْدُونَ" يا "ولاَّدةً" أُسِرَتْ
مِنْ بينِ أظْهُرِنَا في كَفِّ "هَامَانِ"
ولَسْتُ "مُوْسى" ولا "هَارُون" يتبعُني
وهاكِ "فِرعَوْن" يَطوي عُمْرَ أزُمَاني
ما نَثْرُ "سَحْبَانَ" في أسْمَى بلاغتِهِ
يفْدِيْك -آآآآآآآآهٍ- ولا شِعْرٌ لـ "حَسَّانِ"
سِيْرِي وأرْخِي زِمَامَ الهَّمِ ضَارِعَةً
وانعي العُرُوْبةَ في صمْتٍ وإذْعَانِ
"وَوَلِّ وَجْهَك شَطْر القُدْسِ" وابْتَهِلي
فـ "اللهُ أكبَرُ" من تدْبيرِ شَيْطَانِ



أقسَمتُ أنْسى جِراحَاتي وأدويَتي
وَأَغْرِسُ المَجْدَ في قِيْعَان ِ آهاَتِي


الأحمدي عثمان الهواري