"رُغْمَ الحِصَارِ فإنَّنَا أَحْرَارُ"
كلُّ المعابرِ تحتَنا تنهارُ
نحن الإباءُ و عزمنا متفجِّرٌ
نحن الصمودُ وقودُنا الإصرارُ
لا خوفَ يَثنينا عن الرفضِ الذي
نبديه للمحتلِّ أوْ أسوارُ
لن ننتهي عن نصرِ دينِ محمدٍ
ضدَّ اليهودِ فكلُّنا أنصارُ
مهما تضافرَ جهدُهمْ في كسرِنا
لن ينجحوا فجميعنا ثوارُ
نحن الصّقورُ القانصاتُ عدوَّها
يومَ الوغى و بيوتُنا أوكارُ
نحن الأسودُ إذا زأرنا في الحمى
تجري الحميرُ و تركضُ الأبقارُ
نحن اجتراعُ الشوكِ في حلْقِ العدى
نحن الشّرابُ السّمُّ و الصبَّارُ
نحن الجهادُ فلن نغيرَ وجْهَنا
للغاصبينَ و لن يكونَ حِوارُ
أبناءُ حطّينَ الأبيّةِ كلُّنا
سنحررُ الأقصى و لا إدبارُ
القدسُ تنتظرُ الرّجالَ تؤمُّها
طالَ انتظارٌ أيّها النّظارُ
حتّى متّى سنظلُّ نحيا في الهوى
و نظلُّ يسرقُ عمرَنا الدّينارُ
أوَ لا تروْنَ القدسَ تُغْصبُ أرضُها
مِنْ كفِّنا أمْ زاغتِ الأبصارُ
قُمنا لننصرَها فحوصرَ شعبُنا
دهرًا و عاثَ بدارِنا الأشرارُ
و المسلمون تناوموا عن نصرِنا
و شبابُنا يغتالهمْ جزّارُ
في كلِّ يومٍ قصّةٌ عنْ ظلمِنا
تُحكى و تَروي بؤسَنا الأشعارُ
و اليومَ قصّتنا تململَ سردُها
بين الشفاهِ و مَلَّها التّكرارُ
العزُّ من بيتِ النّبوةِ جاءَكمْ
فإذا عززْتمْ كيف ذلَّ الجارُ
لستمْ دُمى خيطٍ بكفيْ مخرجٍ
يُلهى بهنَّ و تسْدلُ الأستارُ
ألقوا القناعَ و مزقوا أوراقَكمْ
تبَّ العدوُّ و شاهتِ الأدوارُ
قوموا أعدِّوا للِّقاءِ عديدَكم
و تجهزوا فسَيَرْعَوي الكفارُ
و الدهرُ ذو دوَل تجيء و تنتهي
و العسْرُ دوْمًا بعدَه إيسارُ
و النصْر وعدُ اللهِ إن ينصرْكمُ
فهو القويُّ القادرُ القهَّارُ
غالَ العدوُّ نساءَنا و رجالَنا
أو لا تجيء لحيِّكم أخبارُ
قنواتكمْ أُسِرَتْ بجيشٍ راقصٍ
و اقتادَها الطَّبَّالُ و الزَّمَّارُ
لو حاولوا تقتيلَنا لن يفلحوا
فَشبابُ غزَّةَ كلُّهمْ زهَّارُ
تأتي الأباتشي كلَّ يومٍ عندنا
لتصيدَنا فتصيدَها الأحجارُ
لم نرمِ إذ نرمي و لكنْ ربُّنا
يرمي و تُمْضي رمْيَه الأقْدارُ
و جموعُنا تحتَ الحصارِ بواسلٌ
ما عندنا صبرٌ و لا أعذارُ
لو جاءنا برْدُ العدوِّ بثلجِه
و رمى جريدَ نخيلِنا الإعصارُ
فالشمسُ تأتينا بحضنٍ دافئٍ
و يضمُّنا في مقلتيْه نهارُ
فيذوبُ ثلجُ الصبرِ عن أكتافِنا
و تروحُ تجْري تحتَنا أنهارُ
و يدسُّ بذرَ النصرِ كلَّ جذورِه
فتَرى الثمارَ و تكبرُ الأشجارُ
لو هزَّنا ليلُ الظلامِ ببطشِه
ثارتْ بقلبِ ظلامِهِ الأقمارُ
ليسَ الظلامُ يخيفُنا بمجيئِه
بالمظْلمين فكلُّنا أنوارُ
أحيا اللجوء إلى السماء قلوبَنا
فتنورَتْ و أنارَ منها الدَّارُ
و يقينُنا باللهِ نوَّرَ دربَنا
فبه تنالُ و تدْركُ الأوطارُ
لو جوَّعونا فالرسولُ نصيحُهُ
"جوعوا تصحِّوا " أيّها الأبرارُ
إن غابَ طعْمُ الخبزِ من و جباتِنا
فلأنَّ طعمَ الخبزِ فيه العارُ
أوَ ليسَ قمْحَ عدوِّنا نقتاته
بالذلِّ حينَ يُقدَّسُ الدُّولارُ
عجنوه في ماءِ الإهانةِ و استوى
بالقهْرِ لَمَّا صبَّ فيه صَغارُ
عقمتْ بلادي أنْ تربيَ قمْحةً
فكأنَّ أرضَ المسلمين بَوارُ
و اللهِ ما عقمَتْ و لكنَّ العدى
تخشى السنابلَ فالسنابلُ نارُ
تسمو السنابلُ للسماءِ برأسِها
كالرُّمْحِ لما يعتريهِ الثَّارُ
تحوي شموخَ النصرِ في قمحاتها
و تدُسُّه في الأرضِ حينَ تثارُ
نحن امتداداتُ السنابلِ عندما
تأبى الركوعَ لأننا أحْرارُ
في أرضِ غزةَ حاصرتْنا طغْمة
كي تزْهقَ الحقَّ الذي نختارُ
هم حاولوا إذْلالَنا بحصارهمْ
لكنْ لغَزَّةَ عِزَّةٌ و شِعارُ
كتبتْه في كلِّ الزوايا كفُّها
و يكادُ لا ينْسى الشِّعارَ جدارُ
نحن الأباةُ فلنْ نذلَّ لغاصبٍ
"رُغْمَ الحِصَارِ فإنَّنَا أَحْرَارَ"
شعر : محمود آدم