ما أجمل القصيد حين ينهمر علينا طيفاً ثمّ ننسجه ونشدو به على صفحات اليقظة !

عدّ المصيباتِ ألهاني عن الزمـنِ
فكيف يُحسب عُمرُ القلب يا وطني؟
متى أزمّ مع الأنــّــات أوردتـــي
وقــد تـبـدّى على إيـقاعها شجني؟
متى يُســلّي نـدى السُلوان أفـئـدةً
يـغـتالها السرّ والايغـال في العلن؟
وهل ســأجهشُ بكّاءً على طـــللٍ
أستذكر العيسَ محمولاَ على الســـفنِ؟
يادهشتي وانفعالاتي أمــن أجــلٍ
لكي يعود رخيصـاً بائــعُ الكـفــن؟
لكي يعبّ فتى الحرمان أكؤسـَــنا
عسـاه إذ ينتـشي يحكي عـن الدّمن
عســاه بالسـُـكْـر يرثينا فـتسمعــه
دارُ الأصــحّاء في أحلامنا الهُـتـنِ
ياغربتي واتـقائي كــلّ مــأثمــــةٍ
متـــى يعود رخيصاً بائع الكفــن؟ّ!
قـد كان ينفـق للأمواتِ ســـلعتــه
مثل الغراب الذي ينعى على الفننِ
عـدّ المصيبات مـا أبقى لذي أمـلٍ
غـير الطيوف وآثاراً مـن الوسـَــنِ
فلو تراءى لــه غـيـثٌ بخاطــــرةٍ
أبلى بـــلاءً بـــه ســمّوه بالحَسَـــنِ !
قالوا تصبّر فما أسلفتَ مـن عِلـلٍ
به الكـفايـــة للواحـــــاتِ والمُـــدنِ
بــه الغَـنـــاء لأجيــــالٍ بـأكـمـلها
حتى ولو قيل واشٍ غير مؤتمــــنِ
حتى ولو كنتَ مشبوها بـلا سببٍ
لأنّـــك الآن مجبولٌ على المحــــنِ
إني صبرت ولا زالت تصبّـرني
دقـّـاتُ قلبٍ مع الأيــّــام لم تهـــــنِ
دقـّـات قلب تعدّ الصبر مملكــــة
أميرُهــا الفكر إذ يخــلو من الدرَنِ
قالوا تصبّر فـقلت الأمرُ أثـقـلنـي
والنهيُ من زمنٍ ماعاد من زمنـي
والعادياتُ خيــالٌ ليس يدركنـــي
والنازلات كـهمسٍ ضاع في أذنـي
والليل من ورق الأشجار حمّلني
أزهى التحايا لمن ماعاد يذكرنـــي
والفجر قافيتي والصبح يسحرني
أمـّـا الغروب فكم بالوصف دلّهنـي
والوصل أدنيته والحال نهنهنـــي
والداءُ أنــأيتـــه والسعدُ هــنـّـأنـــي
والآه في دفّــة الأسباب تطلبنــي
والدمع نحو ذرى الأوتاد أرشدنـي
وللرياح حفيفٌ ظــلّ يهجرنــــي
والريح منها غــبارُ البين آلمنـــــي
الشكّ حطّمتـــه والشوق حطّمني
والصابُ أزلفتــه والشَهد قرّبنــــي
حتى ظننت بـــأنّ الزهر يغبطني
لــذاك قبل الندى باللطف قـبّـلـنــي
وبتّ أحمل مِشكاتــي تطــوّقـنـي
زواهرُ الكون بالتحنان ترفعــنـــي
وبات كــلّ أصيلٍ عــنه يسألنــي
كيف الوصول الى ذاتٍ يكلمنـــي؟
قالو – وقد غافصوا في الطيف مقدرتي
حُسنُ التخلّص في معناك لم يكـــنِ
بل الختـــام بعيــدٌ عــن بدايتــــه
فلـــو رميتَ بعيـــدا ظِنــة الوهـَـنِ
حتى نهضت ومالـي غير عاطفة
عــددتها مــنّة من خالـــق المــنــنِ
مالي لعمْري سوايَ العمرَ من ألـــقٍ
فعـــدْ إليــك وأنت الآن تعذرنــــي
لأنّــني أيّها الساري بلا جهــــــةٍ
عــدّ المصيبات ألهاني عن الزمـنِ