ــ للعشق ثوب واحد ــ

ما رأيكِ أن نعود صديقين ؟!!!..
قُلتَهَا و مضيتَ تشقّ عباب البعـد،و قد طويت صحائف الغرام بقبضة الفجيعة،ما اِلْتفتّ خلفكَ كي ترى دمعًا يحفرُ أخاديدا على الخدين، و قلبًا تأبّطته الحسرات و اعتصرهُ الجزع..
تركتني جاثمةً بين يدي الدهشة، و خلفَ سياج الصمت ألهثُ في نفسي،أركض مسافة الألف ميل ؛أحاول اللحاق بك لكن خيبتي سبقتني فصفّدتني ،مُلقية بي في قبو ذاكرتي،أهزّ بجذع الأمس لتَتساقط عليّ وعودك وكلماتك،همساتك،فأبتلع مجاجة الصّبر على مضض، و أقضم يد الحسرة،لا أستطيع حراكًا فرمال الصدمة ابتلعت قدمي،و لا الكلام بمنجدي فقد كبّلت الغصّة لساني.
بالله عليك أ أستلّ كرامتي سيفًا في وجهك،و أميط اللّثام عن زيفك،و أذكّرك بألف عهد قطعتَه على نفسك،حين أشهدتَ الذي لا تخفى عليه خافية،بأنّي عصًا تُفجّر ينابيع فرحك وشمسك التي تخفيها في كبدك؛كي لا يشارككَ سراجها أحد،و أنّي مرآة روحك التي ترى فيها حقيقتك..
احترتُ كيف أناديك يا صاحب قلبي أو صديقي..فيا أنتَ اسمع منّي قبل أن أستعير من قلبي نبضاته لأحيا بها و أمنحَك إيّاه أجوفًا..إنّي قبل أن أعرف الحبّ كنتُ أحمل صناديقًا عجّت بما فيها،جاهلة ما خبّئ في جوفها، و حين عصفتْ في ربوعي رياحُ غرام لواقح؛ فار تنّور اللهفة في دمي فانكشفت لي لآلئ و زمرد، زبرجد و لازورد نثرتهم بين يديّ، فعرفت الحنين و اللهفة، الولع و الوله .. و بعد هدأة تلتْ زوبعة لقائنا الأول ألفيتُ فيك نفسي .و قد حرّرت قلبي من حِمل كنتُ أحمله فصار يحملُني ..
إنّي أحبّك و أحبّ اسمك قرب اسمي، رسمكُ في العين جاثم،و أنفاسك إلى رئتي تسلك دربها،فقلْ لي كيفَ يضيق القلب بكَ و أنا الفضاء الذي اتّسع ليَسع حضورك و غيابك؟
لم أعرف لشغفي بك، و ارتباكي بين يديك، و ملامحي المبعثرة في رحابك اسمًا آخر إلا الحبّ..
أغدقتُ عليك من كرم الحنين و أسرفتُ في منحك حفنات من جيوب الشغف،حتى خشيتُ على نفسي من ضوعة الوجدِ، و صبوة اللّهفة أن تذهب بقلبي،و لم يدر في خلدي أنّه ذات صحوة من حلم أفتحُ عيني فلا أجدك ،لكن حين غادرتني أدركتُ حمقي، فإني الآن أراني أسهبتُ في حلمي و كانت كلماتكَ تلك صفعةً أفاقتني من غفلتي ..
يا صاحبي لم أرَ عشقًا نزعَ عنه ثوبهُ ليرتدي غيرهُ، العشق حين تهرم سنونه، و تنكسر ضلوعه، لا تحييه الأمنيات و لا ترجعه إلى سابق عهده ..
فكيف نصبح صديقين بعد أن شربنا من كأس حبّ؛شاربها يحيا بها أو يموت بعدها؟فلا يستحيل الزيتُ ماءً يروي الظمأ،هكذا هو حبّي لك، لا ثوب آخرَ يليقُ به إلا الكَفن...