مَسَلّاتُ الأَسى

مَسلّاتُ الأَسَى
سَمَلَتْ مَسَلَّاتُ الأَسَى عَينَ النَّدَى
وَعَدَتْ عَلَى أَشلاءِ مَن رَضِيَ الخَنَا
عُصَبُ الجِرَاءِ الجُربِ تَجتَاحُ المَدَى
مَنْ دُونَ دُودِ الأَرضِ دَارُوا فِي الحِمَى
دَكُّوا صُرُوحَ المَجدِ جَورًا أُلحِدَا
وَطَغَى الفَسَادُ وَسَادَ مَنْ سَدُّوا أَذًى
سُبُلَ الرَّجَاءِ وَلِلرَّدَى أَسْدَوْا يَدَا
مِنْ غَادِرٍ تَخِذَ الإِبَاءَ مَطِيَّةً
وَمُرَاوِغٍ بَذَرَ الخِلافَ لِيَحصُدَا
لِمُجَيِّشٍ بِالجَهلِ أَربَابَ الهَوَى
أَلحَىَ وَبِاسْمِ الدِّينِ شَدَّ وَجَنَّدَا
لِرَبِيبِ حُمْقٍ سَادِرٍ فِي غيّهِ
مَلَكَ البَرَايَا فِي يَدَيْهِ وَعَبَّدَا
فِرَقٌ لِسَانُ الطَّيْشِ أَنطَقَ بُكمَهُمْ
وَتَسَابَقُوا فِي الهَرجِ هُوجًا جَلْمَدَا
نَارَ الضَّغَائِنِ ذَرَّعُوا وَتَذَرَّعُوا
بِشُبُوبِهَا، وَتَدَرَّعُوا بِمَنِ اعتَدَى
وَأَتَوْا يَسُومُونَ البِلادَ جَحِيمَها
هَوَسًا تَجَذَّرَ فِي الوَمَى وَاستَعْبَدَا
وَنَمَتْ بِهَا غَرَسَاتُهُ فِتَنًا سَقَتْ
يَمًّا بِأَلوَانِ التَّفَرُّقِ أَزبَدَا
فَلِكُلِّ رَأْيٍ فِي الجَهَالَةِ ضَارِبٍ
فِرَقٌ وَأُخرَى تَستَبِيحُ لِتَخلُدَا
تَذْرُو البَرَايَا فِي المَنَايَا مِنْحَةً
تَهذِي، لَهَا المَوتُ الزُؤَامُ تَجَرَّدَا
يَتَنَاثَرُ الحَيرَى تَسُوقُ فُلُولَهُم
أَطيَافُ أَحلامٍ وَتَترُكُهُمْ سُدَى
وَخِيَامُ إِيوَاءٍ تُلَمْلِمُ شَملَ مَنْ
كَالعَصْفِ فِي تِيهٍ يُضِلُّ الأَرشَدَا
لَمَّا تَلَفَّعَ بِالبَيَاضِ شِتُاؤُهَا
فِي زَمهَرِيرِ العَجزِ وَالهَولُ اغتَدَى
وَعَتَا الشِّتَاءُ يَجُوبُ أَروِقَةَ الأَسَى
جَوْبَ الجُنُونِ يَلَقِّمُ الأَرضَ الرَّدَى
طَارَتْ خِيَامُ الصَّبرِ تَكشِفُ عَارَهَا
وَالسَّيلُ جَرَّفَهَا وَجَدَّ وَعَربَدَا
وَبَكَتْ بِقَرْحِ اليَأْسِ أَفئِدَةٌ عَلَى
أَطلَالِ صَرحِ البَأْسِ وَهمًا شُيِّدَا
وَعِصَابَةُ الأُمَمِ العُتَاةِ بِجَورِهَا
أَعطَتْ لِمَن ظَلَمَ الأَمَانَ لِيَرقُدَا
فَأَتَى جُمُوعًا قَدَّمَت لِمُجُونِهِ
خَدَّ التَبَعُّلِ بِالحَيَاءِ تَوَرَّدَا
خُشُبٌ فلَا فِعْلًا تَرُدُّ وَلا بِهِا
عَزمٌ وَلا ذَوْدٌ وَلا رَجْعُ الصَّدَى
أَلْفَى لَهُ الإِذعَانَ مِنهَا قَائِمًا
وَالذَّرُّ إِن تُذْعِنْ طَغَى وَتَمَرَّدَا
وَهُمُ انْصِيَاعٌ سَرْمَدٌ وَمَذَلَّةٌ
وَدُمًى بِهَا رُمحُ الإِبَاءِ تَأَوَّدَا
صَوتٌ بِلا سَوطٍ، وَحَمأَةُ ذِلَّةٍ
وَنِصَالُهمْ فُلَّتْ وَخَلَّتْ سُؤدُدَا
لا وَالَّذِي رَوَّى الثَّرَى بِدِمَاءِ مَن
عَرَّى الخُرافَةَ بِاليَقِينِ وَفَنَّدَا
مَا قَامَ قَائِمُ أُمَّةٍ تَجتَاحُهَا
أَمْطَارُ ذُعْرٍ مِن تَصَارِيفِ العِدَا
كَلَا وَلَا حَازَ الأَمَانَ مُبَايِعٌ
بِالذُّلِّ أَحْلامَ السَّلامِ تَوَسَّدَا
وَمَسُوقَةٌ جِيَفًا جُمُوعُ تَخَاذُلٍ
مَا ظَلَّ سَيفُ الحَقِّ فِيهِمْ مُغْمَدَا!