|
كأني لم أزل أختال تيها |
على عـرشٍ تأثّـل مـن بنيها |
كأني لم أزل مـن ألف عامٍ |
وما غادرت أرضا همـت فيها |
فأندلسٌ بلادي مثل مصـرٍ |
وتركـيّا جميعاً أفـتديها |
أرى طيف الجمال يدور حولي |
لـشاعـرة كأنّي أحتويها |
وأصغي، شعرها تالله يُشجي |
كأنّ الـدّرَّ متصـلٌ بفـيها |
" أنا والله أصلح للمعالي |
وأمشي مشيتي وأتيه تيها" |
"أمكن عاشقى من صحن خدّي |
وأعطي قبلتـي من يشتهيها " |
إذنْ ولاة خطرتْ فمرحى |
فهاتي الكفَّ في كفّي ضعيها |
دعي أبواب قصـرك مشرعاتٍ |
لنلحظها ونلحظ ما يليها |
أتبغين ابن زيدونٍ حبيبي |
أجـلْ همساته كم أبتغيها |
على أنّـي مـحـرّمـةٌ عـلـيـه |
وجـنّـاتي كذا لا يرتقيها |
ولست أبيح خـدّي في خيالٍ |
وما لوروده من يجتنيها |
أمن غرناطة ؟ بل أرض مصـرٍ |
نمتنى، ما أرى أبـدا شبيها |
لتربـتها سوى وادٍ كـبـيـرٍ |
وساكنه يـشابه ساكنـيها |
وسال الدمع من عيني غزيرا |
لعلمي بالذي سيحل فيها |
تواسيني؟ فشـكرا أيّ شكرٍ |
دعي كفّي على خـدي دعيها |
وتسألُ: ما البكـاء بيـومِ سعْـدٍ |
وقلبـي ناصـحـي لا تخبريـهـا |
بأن الروم قادمةٌ بـسبيٍ |
ولن تبقي بها أبـدا وجيـها |
وتحضرني العراقُ وأرض حيفا |
ورهطاً لا أرى فيهم نزيها |
هي النكبات كالأمطار تهمي |
على الأوطان تنعى قاطنيها |
لأمتنا بقلبي كم هـمومٍ |
حوتها، ليس قلبي يحتويها |
فسال دما ولكن من عيوني |
وويحي لست أقدر أتقيها |
تلحّ علـيّ ما يبكيك ؟ قولي |
فقلت طوائفٌ باعـت ذويها |
قد امتـدّت لقرن إثر قرنٍ |
بأندلسٍ وأيـضا ما يليها |
وأخـطارٌ بأمتنا أحاقت |
وأمتنا غفت عن قاتليها |
من الرومان لا أخشى عليها |
ولكن من أكابر مجرميها |