ألْقيَتْ بَعْضُ أَبْيَاتِهَا فِي الجَامِعة الإسْلامِيَّة بالمدينة المنورة
الثلاثاء 25/11/1434هـ
في أمسية شعرية بِمُنَاسَبَة اختيار المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) المدينةَ المنورة عاصمةً للثقافة الإسلامية لعام 2013

...
..
.
باسْمِ الأشْجَارِ الظَّامِئَة..
وَالْمَصَابِيحِ الْمُنْطَفِئَة.......

هِجْرَةٌ أَخِيرَةٌ إِلَى عَاصِمَةِ النُّور


تَدَانَيْتِ... والدُّنيا قِلًى وَتَنَائِي وَكُنْتِ مَلاذَ الفَجْرِ فَجْرِ حِرَاءِ
تَوَهَّجْتِ في الآفاقِ والْيَأسُ حَالِكٌ وَقَدْ فَنَتِ الآمَالُ كُلَّ فَنَاءِ
وَلابَتُكِ الأيَّامُ تُشْعِلُ شَوقَهَا وَنَخْلُكِ مَرْفُوعٌ أَكُفَّ دُعَاءِ
وَأُمُّ الْقُرَى مَافي قُرَاهَا أَمِينَةٌ عَلَى فَجْرِهَا الْمُغْضِي عَلَى الْعُدَوَاءِ
تَجَلَّيْتِ لِلَّهْفَى الَّتي كَلَّ طَرْفُهَا وَأَذْهَبْتِ هَمَّ اللَّاهِفِ الْمُتَرَائِي
وَقَدْ يَخْذُلُ الْمَلْهُوفَ أقْرَبُ أَهْلِهِ وَقْدْ تَنْصُرُ الْمَلْهُوفَ نَخْوَةُ نَائِي
وَمَا أَنْتِ بِالْبُعْدَى وَقَلْبُكِ عِنْدَهَا يُقَلَّبُ فِي الرَّمْضَا مَعَ الضُّعَفَاءِ
تَدَانَيْتِ بِالْمِيثَاقِ عَهْدًا مُبَشِّرًا بَأَنْ لَيْسَ بَعْدَ الْيومِ يَومُ شَقَاءِ
فَكَانَ شَجًا في حَلْقِ إِبْلِيسَ مُذْ سَرَى يُحَرِّضُ مَنْ أَغْوَى عَلَى النُّقَبَاءِ
شَرَيْتِ الْهُدَى والْمَجْدَ طُرًّا بِبَيْعَةٍ فَأكْرِمْ بِهَا مِنْ بَيْعَةٍ وَشِرَاءِ
وَمَهَّدْتِ لِلْفَجْرِ الَّذِي لم يَجِدْ لَهُ فَضَاءً لِكَيْ يَنْدَاحَ رُحْبَ فَضَاءِ
تَهَيَّأْتِ لِلْمِيعَادِ فَانْسَابَ خَاشِعًا تُشيِّعُهُ في الْغَيْبِ عَيْنُ قَضَاءِ
وَكَانَتْ حُصُونُ الظُّلْمِ يَحْرُسُها الدُّجَى فَيَفْتُكُ جُنْحُ الَّليْلِ بِابْنِ ذُكَاءِ
وَكَانَتْ بِمَنْ ضَلَّ الْحَياةُ مَريضَةً وَلَمْ يُرْدِ كالإضْلالِ شَرُّ وَبَاءِ
فَطَافَتْ عَلَى حُمّى الحيَاةِ انْبِثَاقةٌ لِفَجْرِكِ تَشْفِيهَا منَ الْبُرَحَاءِ
تُهَدِّمُ أسْوَارَ الدُّجَى في طَريقِهَا وتذْرُو حُصُونَ الظُّلمِ ذَرْوَ هَبَاءِ
فَيَجْري عَلَى وَجْهِ الحيَاةِ بَريقُهَا كَبُرْءٍ جَرَى في مُسْتَحِيلِ شِفَاءِ
تَلألأتِ يَا أحْلَى الْمَدَائنِ دُرَّةً وَأشْرَقْتِ بِالإيمَانِ ذَاتَ رُوَاءِ
فَمِنْ سُبُحَاتِ الغيبِ يَمْتَدُّ سَاطِعًا على حُجُرَاتٍ فِيكِ فَيْضُ بَـهَاءِ
أَضَأْتِ الدُّنَا من وَحْيِهَا وَرَوَيْتِهَا ولم تَرْتويْ مِنْ غَيْرِهَا وَتُضَائِي
وَمِنْ سُفَرَاءِ الله تَكْسُوكِ هَالَةٌ وَطُهْرٌ فَيَا بُشْرَاكِ بِالسُّفَرَاءِ
مَلائِكَةٌ بِالْوَحْيِ تَهْوِي وتَرْتَقي مَلائِكَةٌ لِلْخُلْدِ بِالشُّهَدَاءِ
وَأُخْرَى أَقَامَتْ حَوْلَ مَغْنَاكِ جُنَّةً فَقَرِّي لَقَدْ وُقِّيتِ خَيرَ وِقَاءِ
وَمَا الشَّمْسُ والْبَدرُ اللَّذَانِ توهَّجَا وما كُلُّ نجمٍ في الظَّلامِ مُضَاءِ؟!
وَلِلْبَدْرِ مِنْ أحْلَى ثَنَايَاكِ مَطْلَعٌ بهِ غَنَّتِ الدُّنْيا أَلَذَّ غِنَاءِ
ولِلشَّمْسِ في رَوْضَاتِكِ الخُضْرِ مَضْجَعٌ إلى قَدْرِهِ لمْ يَسْمُ بُرْجُ سَمَاءِ
فَيَا بُؤْرةَ النُّورِ الَّتِي شَدَّ وَهْجُهَا إِلَيْهَا مِنَ الأرْوَاحِ كلَّ رَجاءِ
أَتَيْنَاكِ لانُخْفِي تَبَاريحَ غُرْبَةٍ فَلا تَسْألي عَنْ حَاجَةِ الْغُرَبَاءِ
بِنَا حَاجَةُ الأشْجَارِ للشَّمْسِ لم تَجِدْ لَهَا مِنْ غِذَاءِ الضَّوءِ دِفْءَ غِذَاءِ
وَحَاجَتُهَا لِلْمَاءِ جَفَّتْ جُذُورُهَا مُجَرَّدَةً مِنْ خُضْرَةٍ وَلِحَاءِ
كَسَاهَا التُّقَى مِن سُنْدُسٍ ثُمَّ أذْنَبَتْ فَسَرْبَلَهَا مِنْ حِنْدِسٍ بِكِسَاءِ
وَكَانَت هَوَى الشَّادِي وَمُلْهِمَةَ الْهَوَى وَجَنَّةَ أَطْيَارٍ وِظِلَّ ظِبَاءِ
فَرَاغَ عَلى أفْنَانِهَا كُلُّ نَاعِبٍ وَرَاعَ شَوَادِيهَا نَعِيبُ رِثَاءِ
أغَامَ عَلَيْهَا الْوَهْمُ غَيْمًا مِنَ الصَّدَى فَكَانَ لَهَا فِي الْجَدْبِ شَرَّ سِقَاءِ
وَمَدَّ عَلَيْهَا الْوَهْنُ خَوفًا مِنَ الرَّدَى وَبَعْضُ الرَّدَى يُدْنِيهِ حُبُّ بَقَاءِ
إِذَا انْفَضَّ صَيْفٌ جَدَّ صَيْفٌ وَكُلَّما تَقَضَّى عِشَاءٌ جَرَّ فَجْرَ عِشَاءِ
فَمِنْ أيْنَ يَاضَوءُ اشْتِعَالُكَ وَالْمَدَى غِشَاءٌ مِن الإظْلَامِ فَوْقَ غِشَاءِ
وَأيَّانَ يَاجُرْدُ احْتِفَالُكِ بِالنَّدَى وَمَالاحَ لِلظَّمْآنِ بَرْقُ عَطَاءِ
أَتَيْنَاكِ أَشْجَارًا هَوَامِدَ حُمِّلَت مَلامِحُهَا مِن كُلِّ مَحْلِ عَرَاءِ
تَسَيرُ عَلَى الأغْصَانِ عَلَّ جُذُورَهَا تُبَلُّ بِرَطْبٍ مِنْ نَسِيمِ قُبَاءِ
فَلابَرْقَ فِي الآفَاقِ دُونَكِ لامِعٌ ولا فَجْرَ بَالإشْرَاقِ قَبْلَكِ جَائِي
بِنَا رَغْبَةُ الْمِصْبَاحِ للضَّوءِ كُلَّمَا تَوقَّدَلم يُمْهِلْهُ عَصْفُ هَوَاءِ
وَفِينَا انْتِشَاءُ الْبَرْقِ والْبَرْقُ كَامِنٌ بِسَارِيَةٍ ليْسَتْ مَخِيلَةَ مَاءِ
أتَيْنَا وَلَيْلُ التِّيْهِ يَسْوَدُّ حَوْلَنَا مَصَابِيحَ تَسْتَجْدِيكِ قَبْسَ ضِيَاءِ
مَصَابِيحَ لَفْحُ الصَّيفِ جَفَّفَ زَيْتَهَا وَألْوَتْ بِمَا أَذْكَتْهُ رِيحُ شِتَاءِ
وَقَالَتْ لَعَلَّ الْوَمْضَ تُحْيِيهِ نَسْمَةٌ يجُودُ بَأَشْفَاهَا رَبِيعُ إِبَاءِ
فَلَيْتَ الرَّبِيعَ الطَّلْقَ مَا حُمَّ طَلْقُهُ وَقَدْ جَاءَ مُكْتَظًّا بِسُحْبِ دِمَاءِ
لَقَدْ مَسَّنَا ضُّرٌّ رَهِيبٌ..تَصَدَّقِي عَلَينَا وَ أَوْفِي الضَّوءَ لِلْبُؤَسَاءِ
لَقَدْ أُلْقِيَتْ فِي غَيْهَبِ الأمْسِ شَمْسُنَا فَظَلَّتْ بِهِ لم تُنْتَشَلْ بِدِلاءِ
وَغَاضَتْ عُيُونُ اليومِ مِنْ فَرْطِ حَسْرَةٍ وَفَاضَتْ بِقَحْطٍ جَارِفٍ وَغَلاءِ
فَجَلِّي لَنَا شَمْسَ الْحَقِيقَةِ عَلَّهَا تَجُودُ عَلَى أيَّامِنَا بِجَلاءِ
وَصُبِّي لَنَا مَاءَ السَّكِينَةِ إنَّنَا أَتَيْنَا بِأَرْوَاحٍ إليكِ ظِمَاءِ
أَيا مَأْرِزَ الإيْمَانِ والْكُفْرُ ضَارِبٌ عَلَى أُمَّتِي الثَّكْلَى جِرَانَ عِدَاءِ
وَلَيْسَ لَهَا مِنْ خَنْدَقٍ خُطَّ دُونَهُ وَلا أُحُدٍ عِنْدَ اشْتِدَادِ بَلاءِ
وَلَمْ تَبْقَ مِنْ شُمِّ الْعَوَاصِمِ ذِرْوَةٌ سِواكِ اشْمَخَرَّتْ مِنْ سَنًا وَسَنَاءِ
فَإنْ تَسْأَلي عَمَّا دَهَى الشُّمَّ تُنْبَأي وَإِنْ تُنْبَأي بِالدَّاهِياتِ تُسَائِي
لَقَدْ فَخَّخُوا الزَّوْرَاءَ حَتَّى تَفَحَّمَتْ وقَدْ خَنَقُوا الْفَيْحَاءَ بِالْكِمِيَائِي
وَقُرْطُبَةٌ تِلْكَ الَّتِي شَعَّ نَجْمُهَا قُرُونًا تُنِيرُ الْكَونَ بالْعُلَمَاءِ
قدِ انْكَسَفَتْ..لمْ يَبْقَ إلا خَيَالُهَا تَلُوحُ كَمَا لاحَتْ طُيُوفُ مَسَاءِ
تَشَاغَلَ عَنْهَا الْقَوْمُ بالْخُلْفِ وَالْهَوَى وَمَاضَيَّعَ الأوْطَانَ مِثْلُ أُولاءِ
أَتَيْنَاكِ والأَوْطَانُ نُهْبَى..غَريبةٌ مُخَرَّبَةٌ..جَوْعَى..تَغُصُّ بِدَاءِ
لَقَدْ ضَاقَتِ الدُّنْيَا عَلَيْنَا فَأفْسِحِي مَكَانًا لَنَا في صُفَّةِ الْفُقَرَاءِ
فَمَازِلْتِ لِلْمَلْهُوفِ مَأْوًى وَمَأمَنًا ونَصْرًا وَإِيلافًا وَدَارَ إخَاءِ
ومَا زِلْتِ حِصْنًا إنْ تَحَزَّبَتِ الْعِدَى وَمَا زِلْتِ في الَّلأْوَاءِ أَرْضَ رَخَاءِ
وَفِيكِ مَقَامَاتُ النَّبِيِّ وآلِهِ وَأَزْوَاجِهِ والصَّحْبِ والْخُلَفَاءِ
فَجَلِّي لَنَا مِنْ جَوْلَةِ الدَّهْرِ عِبْرَةً لأُذْنِ مُصِيخٍ أو لِمُقْلَةِ رَائِي
نَسِينَا مِنَ التَّارِيخِ ماقَدْ حَفِظْتِهِ فَألْقِيْ عَلَيْنا سِيرَةَ الْعُظَمَاءِ
عَسَى الرَّوضَةُ الْمِعْطَارُ يَنْعَشُ عِطْرُهَا هَوَامِدَلم تَصْلُحْ لِغَيرِ صِلاءِ
فَقَدْ تُورِقُ الأغْصَانُ بَعْدَ خَرِيفِها وَيَنْبُتُ بَعضُ الْحَبِّ تَحْتَ غُثَاء
عَسَى رُومَةُ الأبْرَارِ تُحْيي بِشْرْبَةٍ خَلائِقَ قَدْ مَاتَتْ بِغَيرِ عَزَاءِ
فَتَنْبَعُ مِن جُرْد النُّفُوسِ مُرُوءَةٌ وَيَنْبِضُ في الْجُلْمُودِ عِرْقُ سَخَاءِ
حَفَرْنَا وَلَكِنْ كَيْ نَدُسَّ رُؤُوسَنا وَجُدْنَا وَلَكِنْ في بُنُوكِ رِبَاءِ
شَقَقْنَا أَدِيمَ الأرْضِ نَمْتَصُّ خَيرَهَا إلى أنْ تَلَوَّثْنَا بِسُمِّ ثَرَاءِ
فَأبْطَأَ بالأحْرَارِ عَنْ كُلِّ غَايَةٍ وَكَانُوا إلَى الْغَايَاتِ غيْرَ بِطَاءِ
يحَلِّقُ فَوْقَ الْفَرْقَدَينِ عُدَاتُنَا وَنَلْهَثُ خَلْفَ النَّاقَةِ الْعُشَرَاءِ
وَلَيْسَ انْتِقَاصًا فِي الْعِشَارِ وَأهْلِهَا كَرَائِمُ أمْوَالٍ وَأهْلُ دَهَاءِ
وَلَكِنَّ بينَ الطَّامِحِينَ تَفَاوُتًا فَلَيْسَتْ صُقُورُ الْجَوِّ كَالْحُلَكَاءِ(1)
وَلَيْسَ الَّذي يَدْنُو مِنَ النَّجْمِ والَّذِي مِنَ الرَّمْلِ يُدْنِي رَأْسَهُ بِسَوَاءِ
عَسَى شَمْلُنَا تُؤْوِيْهِ فِيكِ سَقِيفَةٌ تُلَمْلِمُنَا مِنْ غُرْبَةٍ وَجَلاءِ
وتَجْمَعُنَا بَعْدَ افْتِرَاقٍ بِظِلِّهَا وَتَرْحَمُنَا مِنْ فُرْقةِ الْفُرَقَاءِ
فَإنَّا افْتَرَقْنَا بَيْنَنَا ألْفَ فِرْقَةٍ لِكُلِّ فَرِيقٍ أَلْفُ أَلْفِ لِوَاءِ
عَسَانَا إذَا ألْقَى الْبَقِيعُ عِظَاتِهِ نُزِيلُ عَنِ الألْبَابِ كُلَّ غِطَاءِ
وَنَحْظَى مِنِ اسْتِغْفَارِ مَنْ بَاتَ عِنْدَهُ يُنَاجِي وَيَدْعُو رَبَّهُ بِصَفَاءِ
تُعَاتِبُنَا الآثَارُ في كُلِّ مَفْرَقٍ لَهَا فِي مَهَبِّ الرِّيحِ رَجْعُ نِدَاءِ
تُرَاجِعُنَا فِي كُلِّ دَرْسِ بَرَاءَةٍ وَتَسْألُنَا عَنْ كُلِّ دَرْسِ وَلاءِ
فَهَلْ عَلِمَتْ أمْ لا؟ قُبَاءُ بأنَّنَا ضِرَارًا بَنَينَا الْيومَ كُلَّ بِنَاءِ
وَهَلْ أبْلَغَ الْقُدْسُ الْمَشَاهِدَ أنَّنَا بَخِلْنَا وَلَمْ نُسْرِعْ لَهُ بِفِدَاءِ
وَهَلْ أُحُدٌ مَازَالَ طَوْدًا يُحِبُّنَا عَلَى مَا بِنَا مِنْ غِلْظَةٍ وَجَفَاءِ
فَإنَّا حَفِظْنَا الحُبَّ مَعْنًى مُجوَّفًا وإنَّا ادَّعَيْنَاهُ ادِّعَاءَ مُرَائي
وَمَا أُحُدٌ إلا قُلُوبٌ صُخُورُهُ تَفَطَّرْنَ مِنْ شَوْقٍ بِهَا وَوَفَاءِ
فَيَا طَيْبَةَ الأنْصَارِ والْحُبُّ شَاهِدٌ لِكُلِّ نَقِيٍّ لم يُشَبْ بِرِيَاءِ
نُحبُكِ إيمانًا وأَهْلِيكِ .. مَذْهَبًا هَدَانَا لَهُ الْهَادِي بِغَيْرِ مِرَاءِ
أمَا زَالَ مِنْ وَادِي الْعَقِيقِ عَشِيَّةً يَهُبُّ نَسِيمٌ فِيهِ كُلُّ دَوَاءِ
وَهَلْ أَخْضَرُ النَّعْنَاعِ مَازالَ عَابِقًا يسُلُّ مِنَ الأرْوَاحِ كُلَّ عَنَاءِ
أَتَيْنَا نَغُذُّ السَّيْرَ والشَّوقُ ثَائِرٌ طَغَى فِي قُلُوبٍ مِنْ لَظَاهُ مِلاءِ
يُبَدِّدُهَا حرُّ التَّشَوُّقِ أدْمَعًا إذَا لَمْ تُجِمِّيها بِبَرْدِ لِقَاءِ
أَتَيْنَاكِ لانَخْتَارُ إِذْ أَنْتِ خَيْرَةٌ وَمُخْتَارَةٌ مِنْ قَبْلُ لِلْحُنَفَاءِ
قدِ اخْتَارَكِ الْمُخْتارُ عَاصِمَةَ الْهُدَى فَأَنْتِ نَقَاءٌ مُنْتَقى لِنَقَاءِ
أَيَا مُنْتَدَى حَسَّانَ جِئْتُكَ زَاخِرًا أمَامِيَ طُوفَانُ الرُّؤَى وَوَرَائِي
أُسَابِقُ أَرْوَاحَ الْمُحبِّينَ شَاعِرًا أُعَطِّرُ أَشْعَارِي بِحُسْنِ ثَنَائِي
أَزُفُّ مِنَ الْغِيدِ الْحِسَانِ رَوَائِعًا إذَا عُصِيَ النُّظَّامُ كُنَّ إمَائِي
سُلافَةَ عُشَّاقٍ وَنَفْثَةَ سَاحِرٍ وَميَّاسَةً تَاهَتْ بِحُسْنِ رِدَاءِ
أُعَتِّقُهَا للذَّائِقِينَ لَذِيذَةً وَأُعْتِقُهَا مِنْ كُلِّ ذَاتِ بَذَاءِ
أُصَفِّقُهَا حِينًا أنَاةً وَحِكْمَةً وَأَمْزُجُهَا حِينًا مَعَ الْغُلَوَاءِ
أُرَقْرِقُ نَجْوَاهَا نَسِيمَ صَبَابَةٍ وَأُحْرِقُ شَكْوَاهَا سَمُومَ بُكَاءِ
وَأُطْلِقُ أعْلاها خَيَالاً مُحَلِّقًا وَأسْحَبُ أَدْنَاهَا مِنَ الْخُيَلاءِ
أُفَاخِرُ بِالإسْلامِ في كُلِّ مَفْخَرٍ وَعَنْهُ يَذُبُّ الْمُبْطِلِينَ هِجَائِي
وَأَحْسَبُ أنَّ الشِّعْرَ مَا طَابَ مَقْصَدًا وَجَلَّ عَنِ الْعَوْرَاءِ مِنْ شُفَعَائِي
وَمَا الشِّعْرُ إِن لَّم يُدْخِلِ الْخُلْدَ رَبَّهُ وَيَرْقَ سِوَى لَغْوٍ وَمَحْضِ هُرَاءِ
يَقُولونَ مَايُضْفِي مِنَ الْمَجْدِ شَاعِرٌ وَمَا تَصْنَعُ الأوْطَانُ بِالشُّعَرَاءِ
وَهَلْ أَلْهَبَ الإحْسَاسَ مِثْلُ قَصِيدَةٍ وَهَلْ جَدَّ بِالسَّارِينَ مِثْلُ حُدَاءِ
وَهَلْ خَلَّدَ الْمَجْدَ التَّلِيدَ لأهْلِهِ كَمَا خَلَّدْتْهَا قَوْلَةُ الْفُصَحَاءِ