حِوَارٌ مَعْ صَنَمْ


صَنَعْت ُ الشِّعرَ مِنْ عَينَيكِ وَالعَدَم ِ
أُرِيدُكِ مِلءَ هَذي الأَرْض عِطْراً
يَسْتَبِيحُ دَمِي
يُسَافِرُ فِي مَسَامَاتِي
وَيَعْلُو كُلَّ أَودِيَتِي
وَرَايَاتِي
وَيَسْبَحُ فِي خَيَالاتِي
يُحَلِّقُ مِثْلَ عُصْفُورٍ عَلَى
أَغْصَانِ غَايَاتِي
وَيَنْقُرُنِي بِمِنْقَارٍ سَمَاويٍ
وَيَمْسَحُ غُرْبَةَ المَاضِي
وَيَنْقُشُ فِي جِبَاهِ الرُّوحِ
فَرحَةَ عُمْرِيَ الآتِي
أُرِيدُكِ صَوتَ أَشْعَارِي
وَثَغْرَ الحَرفِ فِي لُغَتِي
وَأَسْفَارِي
فَلا تَتَرَدَّي أَبَدا ً
وَلا تَتَبَعْثَرِي أَبَداً
وَلا تَسْتَنْكِرِي الأَشْوَاقَ
فِي جَفْنَيكِ وَالحُلُمِ
مَتَى كَانَتْ ثُغُور ُ الأَرضِ
تُنْكِرُ قِمَّةَ الهَرَمِ !
أَيَا امْرَأَةٌ
لَهَا فِي الصَّمْتِ مِحْرَاب ُ
وَتَخْجَلُ مِنْ أُنُوثَتِهَا
وَتَخْجَلُ مِنْ تَعَرِّيهَا
عَلَى مِرآةِ أَحْدَاقِي
فَكُونِي مِثْلَمَا شَاءَتْ لَكِ الأَيَّامُ أَنْ تَبْقَي
فَلا عَينَاكِ أُغْنِيَتِي
وَلا شَفَتَاكِ تِرْيَاقِي
وَإِنِّي لَو طَلَبْتُ الحُسنَ
يَأتِينِي عَلَى قَدَمٍ
وَيَأتِينِي عَلَى سَاقِ
أَيَا امْرَأَةٌ تَخَافُ الشِّعْرَ
تَخْشَى ثَورَةَ العِطْرِ
تُعَاتِبُها الفَسَاتِينُ
وَتَمْقُتُهَا أَسَاوِرُهَا
جَرَائِدُهَا
وَلا تَدْرِي بَأَنَّ الكَأسَ
يُطرِبُ فِي يَد ِ السَّاقِي
أَيَا امْرَأَةٌ تَظُنُّ
بِأَنَّهَا الأُنْثَى
وَتَسعَدُ إِذْ يُغَازِلُهَا صَعَالِيك
عَلَى الطُّرُقَاتِ مُكْتَظُّونَ
لا عَجَبًا
فَإِنَّ مُشَعْوِذَ النِّيران ِ
ظَنَّ بِأَنَّهُ الرَّاقِي
دُخَانُكِ لَيسَ يَعْنِينِي
وَصَوتُكِ لَيسَ يُطْرِبُنِي
وَلا المَكْشُوفُ مِنْ كَتِفَيكِ يُغْرِينِي
فَلا كَفَّاكِ تَنْثُرُ زَهْرَ زَيتُونٍ
وَلا فِي القَحْطِ يُثْمِرُ
مَارِد ُ التِّين ِ
فَمِنْ أَيِّ البِلاد ِ أَتَيتِ ؟
مِنْ أَيِّ القَبَائِلِ أنت ِ؟
مِنْ عَرَبٍ أَتَيتِ إِلىَّ
أَمْ قَدْ جِئْتِ مِنْ عَجَمِ !
أَيَا امْرَأَةٌ عَزَفْتُ لأَجْلِهَا شِعْرِي
عَلَى صُوفِيَّةِ النَّغَمِ
لَقَدْ حُمِّلتُ مِنْ عَينَيكِ أَزْمَانًا
مِنَ الأَلَمِ
أَمَا خُبِّرتِ أّنَّ البَحْرَ لا يُبقِي عَلَى جِيَفٍ
وَأَنِّي البَحْرُ فِي مَنْعٍ وَفِي كَرَمِ
أَيَا امْرَأةٌ يَغَارُ الصَّخْرُ
مِنْ صَمْتٍ يُسَافِرُ فِي حَنَايَاهَا
وَيَعْلُو كَلَّ زَاوِيَةٍ تُحَمْحِمُ فِي ثَنَايَاهَا
أَمَا عُلِّمتِ أَنَّ الأَرضَ لَمْ تَنْبُت
سَنَابِلُها مِنَ العَدَمِ !
وَلَيسَ النُّورُ كَالظُّلَمِ
أَيَا امرَأَةٌ
عَلَمْتُ نِهَايَةَ المِشْوَارِ
أَنِّي أَحْمَقٌ فِي العِشْقِ
قَدْ كَرَّسْتُ أَقْلامِي
وَأَورَاقِي
وَأَحْلامِي
وَأَشْواقِي
وَثَلجا ً فَوقَ إِحْرَاقِي
إِلى صَنَم ِ