لــَمْ يبْقَ مِنْ وَطـَـنٍ يـَسيرُ أمـَامَهُ
يَمـْضـي وَقـدْ بـَلـَغ الرَّحيلُ تـَمَامَهُ
مـــَا بَيْنَ قــَافِيـَتيْنِ..أوْدَعَ نَجـْمَةً
لــِيُضيءَ مِنْ رُؤيَا السَّمَاءِ كـَلامَهُ
مـــُتوَضـِّئٌ بـِدُمُوعِ غَيْمَتِهِ التـي
كــَانَتْ تــُظِلُّ إذَا مـَشى أحـْلامَهُ
صَاحَتْ صَحَارى خـَلفَهُ..وَهوَ الذي
قـَدْ عَاشَ يُشْعِلُ في الرمَال غرَامَهُ
وَيـُرَتـِّلُ النَّخْلَ المُسافرَ في المَدى
آيَاتِ عِشْقٍ حـِينَ يـَرْفـَعُ هَامَهُ
للعِشقِ أشـْجـَارٌ...يَقيلُ بـظِلِّهَا
فـَيَزورُ عـُصْفـُورُ الوَفـَاءِ مَنـَامَهُ
أغــْفــَتْ بــِعَـيْنَيهِ حِكَايَةُ جُرْحِهِ
وَبَكى ..فَخَطَّ عـَلَى الثَّرى آلامـَهُ
حَمَلَ الطُّفُولَةَ في حَقيبَةِ قَلْبهِ
كيْ يَعْبُرَ الطفـْلُ المُضيءُ هُلامَهُ
يَسْري...تـُشَاغِبُهُ الظـُّنُونُ فـَيَرْتـَمي
فــَوْقَ الضَّيَاعِ مُصَـدِّقاً أوْهَامَهُ
مـَا زَالَ يـَبْحَثُ عَنْ خُيُوطِ حَقيقةٍ
أخْرَى...لِيَحْضُنَ رَاضِياً أيـَّامَهُ
مــَا زَالَ يَنـْزِفُ في الرحيلِ حَنينَهُ
وَيـُضَمِّدُ الذكــْرَى بـِحُلـْمٍ رَامَهُ
قـَدْ غـَادَرَ الصَّحْرَاءَ.. إلا أنهُ
مَا زَالَ يَنـْصِبُ في العَرَاءِ خـِيَامَهُ
اللـَّيْلُ وَارَى ظِلـَّهُ.. وَالرِّيحُ قـَـدْ
سَرَقَتْ خُطـَاهُ وَشـَرَّدَتْ أقدَامَهُ
لَمْ يَلْتَفِتْ... إلا وَمَرَّتْ نَسْمَةٌ
حَمَلَتْ إليْهِ مـِنَ النَّخيلِ سَلامَهُ
وَتَلُوحُ في عَيْنَيهِ صُورَةُ أمـِّهِ
تُؤوي لـصَدْرِ حـَنـَانـِهاَ أيـْتـَامَهُ
وَتـَمُدُّ في الصلواتِ حـَبْلَ دُعَائــهَا
فـَتَجُبُّ في صَلَوَاتــِهَا آثـَامَهُ
لــَمْ يـَلـْتـَفِتْ...إلا رَأى صَحــْرَاءَهُ
ثكلــى تــَضُمُّ مَعَ الحَنـِينِ حـُطـَامَهُ
هُوَ طِفــْلُ ذاكَ الرمل...فارَقَ ضرْعَهُ
مــِنْ قبْلِ حَتَّى أنْ يُتِمَّ فـِطـَامَـهُ
ذِكـْرَى التـرَابِ تـُقيمُ بَيْنَ جـُفُونِهِ
قمراً يُـبَدِّدُ فـِي الغِيَابِ ظلامَهُ
صَلـَّى فـَقبَّلهٌ بـِجَبْهَتِهِ أبٌ
حانٍ.. وَكـَمْ يَصِلُ الثـَّرَى أرْحَامَهُ
مَا زَالَ يُمْعِنُ في الرَّحيلِ..فإنْ يَعُدْ
فـَلِكـَيْ يُوَارِيَ في التـُّرابِ عِظَامَهُ




نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي