زنْبقةُ الهُدى لماما ربيحة ...


على مَدّ رَمْشٍ بَرْبَرِيّ،مُرافِقي
يَشُدّ إِلي عَيْني خُضْرَ المَناطِقِ
تَحَدّبَ صَوْتي.. وَاسْتَقامَتْ قَريحَتي
وَغاصَتْ لِقاعِ الحُزْنِ مِنّي مَفارِقي
وإِنّي بِلا أمِّ أُقيمُ وَلَيْسَ لي
عَناوينُ غَيْرَ اليُتْمِ مِنْ فَضْلِ خالِقي
أُرَقّعُ حَظّي بِالرّجوعِ لِطِفْلَةٍ
تَوارَتْ عَنِ الأَلْعابِ مِنْ أَلْفِ راتِقِ
وَما هَيّأتْني للمُثولِ بَداوَتي
لَدى سَقْطَةٍ تَجْتَرُّ قُبْحَ المُنافِقِ
وَما زالَ فِنْجاني عَلى مَدّ شَهْقَةٍ
يُبادِلُني مُرّاً بِلا أَيّ عائِقِ
وإِنْ تاهَتِ الأَقْلامُ عَنّي فَإِنّني
عَلى هَدْيِها أَمْشي بِدونِ مَزالِقِ
كَذَلِكَ قُدّامي وَجَنْبي يَحُفّني
بِعَيْنَيْهِ قَلْبٌ عامِرُ بِالحَرائِقِ
ولَمّا أَتَيْتُ الشّعْرَ أَنْوي عِراكَهُ
تَمَنّيْتُ حَرْفاً غَيْرَ آتٍ لِسابِقِ
بِصُبْحٍ حريريِّ تطرِّزُه الهُدى
بِغِزْلانِ وَعْدٍ في حُقولِ الزّنابِقِ
فَكَيْفَ إِذَنْ والشعرُ يُسْقى بِسورَةٍ
سَماوِيةٍ مِنْ غارِها للْبَيارِقِ
أَنامُ وتَغفوُ في يديَ قَصيدَةٌ
وَفي قَلَمي حِبْرٌ بِلَوْنِ الشّقائِقِ؟
وَلَمْ أَنْتَبِهْ للغَيْمِ يَحْتَلّ خِلْسَةً
مَدى قَمَري وَالرّيحُ مالَتْ لِسارِقِ
صِراعي مَعي حَوْلي أَما زِلْتُ طِفْلَةً
تَنامُ عَلى حُلُمٍ مَهيضِ النّمارِقِ
فَلا تَكبري إنْ غِبْتُ ديوانَ رِحْلَةٍ
فَإِنّي لأَخْشَى الشّعْرَ يَجْتاحُ خافِقي
وتَفْسَحُ للغَيْماتِ أَدْراجُ فُرْصَتي
مِساحاتِ وِدٍّ لاهِياتِ التّراشُقِ
خُذيني إِلى حوْرانَ روحاً وَعَرِّجي
بِقَلْبي إلى عَمّانَ.. أُمّي.. وَرافِقي
جِناني.. فَإِنّي لانْتِصار أُذيقُني
مَسيرَةَ صَمْتٍ بَيْنَ حَرْفي وَناطِقي
فَلا تَضْربي بِالرّمْلِ.. فَالحَظُّ في غَدي
سَيَأْتي وَلا تُثْنيهِ كُبْرى العَوائِقِ
رَبيحَة أُمّي فَوْقَ جِسْرٍ مُشَيّدٍ
مِنَ الحُبّ أَتي جَرْيَ قَلْبٍ لِعاشِقِ
تُهاجِرُ بي عَيْنايَ في صَحْوَةِ الهُدى
إِلى مَنْزِلٍ يَعْلو النّجومَ بِسامِقِ
فَأُلْقي بِأَصْنافِ التّحِياتِ للتي
يَليقُ بِها تاجُ المَديحِ المُوافِقِ
هُنالِكَ عُنْوانُ البَنَفْسَجِ عاطِرٌ
بِجورِيَةٍ تسْبي خُدودَ الحَدائِقِ
فَيا لَكِ أُمّاً لِلْمَدائِحِ قِبْلَةً
يَحِقُّ بِها شِعْرٌ سَليلُ المَشارِقِ
أَتَيْتُكِ حَبْوَ القَلْبِ أَرْجوكِ ضَمَّةً
أُعيدُ بِها عمراً إِليّ.. فَوافِقي
وَأَلْقي عَلى صَدْرِ الأُمومَةِ وَحْدَتي
لِيَرْتاحَ مِنّي لَحْظَةَ الدِّفءِ عاتِقي
كَأَنّ حِزامَ الدّهْرِ والٍ عَلى دَمي
يَشُدُّ عَلي الجَمْرِ مِنْ نارِ حارِقي
أَيُغْرِقُني صَبْراً عَلى السّيْرِ مَرْكَبي
وَقَدْ شَيّعَتْني للشّروقِ زَوارِقي
وَرُبّانُ حُبّي حَوَّلَ المَوْجَ ضِفّةً
إِلَيْها.. شِراعُ الأُمْنِياتِ مُرَافِقي
وَأَدخُلُ من بابِ الوَرِيْدِ.. تُحِيْطُنِي
إلى جَنَّةِ التَّرْحِيْبِ أَيْدِيْ التَّعَانُقِ
بِيَّ السُّبُلُ العرجاءُ.. أُمِّي تَقَطَّعَتْ
وأنكرتُ أَنِّي في شِبَاكِ المَضَائِقِ
وأحلامُ يُتْمِي يَا ربيحَةَ .. كَدَّسَتْ
شَتَاتَا بِصَدرٍ مُتْرَعِ بالمَخَانِقِ
تَواطَأَ ظلِّي عنْ صباحاتِ رِحْلَتِي
ولَمَّا أجدْ غيْري إليْكِ مُسابِقِيْ



منْ وحْيِ قصيدةِ "حكْم الزّنابقِ"..للشاعر المكرم..الشّلال محمد إبراهيم الحريري... مع محبّتي الخالصة..