[IMG]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/IMG]
صَانُور
سَفِينُكَ فِي البِحَارِ بِلا رَجَاءِ
وَهَمُّكَ فِي الحَيَاةَ بَلا انْقِضَاءِ
وَحِملُكَ لَو تَقَاسَمَهُ فَضَاء ٌ
لَضَاقَ الكَونُ عَنْ هَذا الفَضَاءِ
فَيَا قَلباً تَنَكَّرَ مِن ضُلُوعِي
وَيَا قُرباً تَنَكَّرَ لِلبَقَاءِ
تُفَرِّقُنَا عَلَى دَربِ التَّلاشِي
وَتَجمَعُنَا عَلَى ضَربِ الشَّقَاءِ!
وَتُتْعِسُنَا وَأَنتَ بِنَا عَلِيمٌ
وَتَحْرِمُنَا مَلَذَّاتِ اللقِاءِ!
وَتَجلِدُنَا بِسِوطٍ مِن فِرَاقٍ
وَ تَصْلِبُنَا عَلَى هَامِ البَلاءِ!
كَأَنَّ كَوَامِنَ الأَشوَاقِ فِينَا
مِدَقَّاتٌ عَلَى رَجْعِ النِدَاءِ
هِيَ الأَيَّامُ لَمْ تَبْسُمْ لِصَبٍّ
وَلَمْ تَرعَ المُسَربَلَ بِالجَفَاء
وَأَصعَبُ مَا يَكُونُ المَرءُ فِيهِ
عُضَالُ الدَّاءِ مِن غَيرِ الدَّوَاءِ
وَإِنْ تَكُ فِي الشَّبِييَةِ ذَا كَمَالٍ
يُسَلِّمْكَ المَشِيبُ إِلَى الفَنَاءِ
وَمَنْ لا يَسْتَرِيحُ عَلَى حَرِيرٍ
فَلَيسَ يُرِيحُهُ خَيشُ الرِضَاءِ
وَمَنْ ظَنَّ الحَيَاةَ سِنِينَ عُمرٍ
كَمَنْ رَامَ الجَمَالَ بِلا حَيَاءِ
فَمَا دَأْبُ المَسَاءِ كَمَا الصَّبَاحِ
وَلا رَأْبُ التَّصَدُّعِ كَالبِنَاءِ
قَضَيتُ العُمرَ رَحَّالاً وَزَادِي
حَنِينٌ وَاشْتِيَاقٌ لِللِقَاءِ
لَإِنَّكِ وُجْهَتِي الأُولَى وَأَنْفِي
مِنَ الوُجْهَاتِ أَربَعَةً وَرَائِي
فَأَرضُكِ خَيرُ أَرضٍ فِي فُؤَادِي
وَأَهْلُكِ خَيرُ مَن تَحْتَ السَّمَاءِ
وَلَو خُيِّرتُ فِي وَطَنٍ عَزِيزٍ
لَقُلْتُ هَوَاكِ تِريَاقُ الشِّفَاءِ
وَمَا اسْتَنْشَقْتُ مِثْلَ هَوَاكِ طِيباً
وَلا أَدْمَنْتُ غَيرَكَ فِي دِمَائِي
أَيَا صَانُورُ فِي جَفْنَيَّ شَوقٌ
وَفِي عَينَيَّ أَرتَالُ البُكَاءِ
كَأَنَّكِ سِرُّ أَشْعَارِي وَنَبْضِي
وَإِنَّ السِّرَ يَزْكُو فِي الخَفَاءِ
لَجَمتُ الشَّوقَ أَلفاً بِاصْطِبَارِي
وَأَذْكَيتُ السَّحَابَ مِنَ الدُّعَاءِ
وَأَلْهَبْتُ الصُّخُورَ بِهَمسِ رُوحِي
فَأَينَعَ فِي الصُّخُورِ رَقِيقُ مَاءِ
أَتَزهَدُ فِيَّ سَاعَاتُ التَّدَانِي
وَتَرغُبُ فِيَّ أَيَّامُ التَّنَائِي !
فَيَا قَمَراً يُسَافِرُ فِي مِدَادِي
وَيَا عِطْراً تَجَلَّى فِي رِدَائِي
إِلَيكِ حَجِيجُ أَنْفَاسِي وَرُوحِي
وَفِيكِ عَظِيمُ حُبِّي وَانْتِمَائِي
سَأَحْفَظُ مَا حَيِيتُ هَوَاكِ عِندِي
وَأَدْعُو اللهَ تَلبِيةَ الرَّجَاءِ