هذه القصيدة وُلِدَتْ على ضفاف النيل

آية


يُسَبِّحُ فِي مَمَالِكِهَا الجَمَالُ
وَيَسْجُدُ عِنْدَ أَخْمَصِهَا الدَّلالُ
سَقَاهَا النِّيلُ صَفْواً مِنْ زُلَالٍ
فَعَكَّرَ صَفْوَ مَبْسَمِهَا الزُّلَالُ
إِذَا قَامَتْ تَمِيسُ الأَرْضُ وَجْداً
وَإِنْ مَادَتْ تَمِيدُ لَهَا الجِبَالُ
وَإِنْ رَقَصَتْ عَلَى أَلْحَانِ قَلْبِي
تُشَدُّ إِلَى مَرَاقِصِهَا الرِّحَالُ
كَأَنَّ النِّيلَ يَنْبُعُ مِنْ خُطَاهَا
وَكَمْ بَرْدٍ عَلَى النَّجْوَى اشْتِعَالُ
وَقَائِمَةً بَأَرْضٍ غَيرٍ أَرْضِي
لَهَا السَّلْوَى وَلِي فِي الوَجْدِ بَالُ
رَمَتْنِي لَمْ أَكُنْ لِلْعِشْقِ أَهْلاً
كَمَا تَرْمِي فَرَائِسَهَا النِّبَالُ
تُجَاذِبُنِي وَتَعْلَمُ أَنَّ عُمْرِي
ضَيَاعٌ وَالهَوَى عِنْدِي مُحَالُ
وَتُسْلِمُنِي جِرَارَ الشَّهْدِ مِنْهَا
وَلِلأَثْمَارِ تَّتَسِعُ السِّلالُ
وَتَسْكُنُنِي وَأَسْكُنُهَا فَنُبْنَى
وَكَمْ خَانَتْ مَبَانِيهَا الرِّمَالُ
عَلَى وَجْهِ الضُّحَى يَعْلُو سِجَالٌ
وَلَيسَ عَلَى مُحَيَّاهَا سِجَالُ
وَفِي الظَّلْمَاءِ بَدْرٌ لَو أَطَلَّتْ
وَفِي العَلْياءِ شَمْسٌ لَا تُطَالُ
يُنَاجِيهَا جَنُوبُ الكَونِ وَصْلاً
وَيَبْكِي لَوعَةَ الشَّوقِ الشَّمَالُ
أَنَا العُشَّاقُ يَا آيَاتِ حُسْنٍ
وَكَمْ بِالعَاشِقِينَ يَضِيقُ حَالُ
عَلَى جَمْرٍ تُوَسِّدُنِي اللَّيَالِي
وَيَلْسَعُنِي جَوَابُكِ وَ السُّؤَالُ
أَنَا جَسَدٌ وَرُوحِي فِي بِلادٍ
يَحُجُّ إِلَى شَوَاطِئِهَا الكَمَالُ
تَيَمَّمَ بِالسَّنَا قَلْبِي وَصَلَّى
وَأَذَّنَ فِي سُوَيدَائِي بِلالُ
أَصُومُ لَعَلَّهَا تَرْضَى , فَتَنْأَى
وَمَرَّ العَامُ لَمْ يَظْهَرْ هِلاَلُ
وَلِي سَهْمٌ أَصَابَ الدَّهْرَ دَهْراً
فَكَيفَ اصْطَادَ صَيَّاداً غَزَالُ !
عَلَى نَفْسِي حَرَامٌ كَلُّ عِشْقٍ
وَعِشْقُكِ بَعْدَ تَحْرِيمٍ حَلالُ
وَلِي فِي الأَبْجَدِيَّةِ أَلفُ بَيْتٍ
وَلَستُ أَضِيقُ لَو ضَاقَ المَقَالُ !
وَلَو رَأَتِ النِّسَاءُ جَمَالَ حَرْفِي
وَعِفَّةَ مَقْصِدِي فَرَّ الضَّلاَلُ
فَلا نَفْسِي تُسَاقُ لِغَيرِ شِعْرٍ
وَلا شِعْرِي يُقَيِّدُهُ الخَيَالُ
كَفَاكَ اللهُ شَرَّ هَوَى الغَوَانِي
يُقَتِّلُنَا ... وَلَمْ يَنْشَبْ قِتَالُ