قتيل العشق

لَوَاعِجُ نَارٍ فِي الْجَوَانِحِ تُضْرَمُ
أَحَسَّ بِهَا قَلبِي فَبَاحَ بِها الْفَمُ
وَنَاحَ لَهَا حَرْفي فَأَبْكَى قَصَائِدِي
وَسَالَ بِهَا طَرْفِي فَدَمْعِي مُعَلْقَمُ
أَيَا لَائِمِي فِي الْعِشقِ لَو خَافَ خَافِقِي
بَوَارِقَ حُبٍّ فَالتَّصَخُرُ أَسْلَمُ
إِذَا الْمَرءُ لَمْ يَسْتَوطِن الحُبُّ رُوحَهُ
فَكُلُّ ضُحًى فِي أفْقِ عَيْنَيهِ مُظْلِمُ
سَيَحْيَا بِلَا قَلْبٍ وَيَرجِعُ خَائِبًا
وَيَقْتَلُهُ مِنْ بَعْدِ عُمرٍ تَنَدُّمُ
أَنَا الْعَاشِقُ الْمَأْسُورُ أَهْوَى أَمِيرَةً
يهيم بها قَلْبِي وَلَا يَتَكَتَّمُ
رَمَى هَجْرُهَا قَلْبِي فَأَصْمَى حشَاشَتِي
فَرُحتُ بِما أَمْلَى الْهَوَى أَتَكَلَّم
شَكَوتُ لَهَا مِن طُولِ وَجْدِي فَأَعْرَضَتْ
وَلَمْ يُجْدِنِي عِنْدَ الفُرَاقِ التَّظَلُّمَ
فَقُلتُ لِأَصْحَابِي هُوَ الْحُبُّ غَالِبٌ
أَلَا فَاسْمَعُوا مَا قَالَ يَوْمًا مُحرَّمُ
إِذَا الْمَرءُ لَمْ يَنْهَل مِنَ الْحُبِّ قَلْبُهُ
وَلَمْ يُطْلِق الْآَهَاتِ وَالنَّاسُ نُوَّمُ
فَذَاكَ عَن الدُّنْيَا غَرِيبٌ وَتَائِهٌ
جَمَادٌ فَلَا يهنا وَلَا يَتَأَلَّمُ
بُلِيتُ بِحُبٍّ لَمْ أَفُزْ فِيهِ بِالِّلقَا
كَأَنِّي بِحَبْلِ الشَّوقِ لِلْوَصْلِ أُعْدَمُ
نَهَارِي حَنِينٌ لِلِّقَاءِ وَلَوْعَةٌ
وَإِنْ جَنَّ لَيلٌ بِتُّ بِالْقُربِ أَحْلُمُ
أُلَمْلِمُ أَشْوَاقِي بِسُهدٍ يَعِيشُنِي
تُشَارِكُنِي حُزنِي عَلَى الْبَدرِ أَنْجُمُ
فَإِن لَم أَجِدْ فِي دَرْبِ حُبِّي سَفِينَةً
أَخُوضُ بِحَارَ الْهَجرِ أَو أَتَقَدَّمُ
قَضَيتُ بِضَعْفِي وَاحْتَرَقتُ بِلَهْفَتِي
كَأَنَّ حَدِيثِي عَن هَوَايَ تَوَهُّمُ
فّمّا قِيْمًةُ الْأَحلَامِ لَو لَمْ نَعِشْ بِهَا؟
وَأَيُّ غَرَامٍ لَيسَ حِنَّاءَه دَمُ؟!!
وَلَا ثَأْرَ لِي إِن مِتُّ لِلْحُبِّ ظَامِئًا
لِأنِّي قَتِيلُ الْعِشقِ يَا قَومُ فَاعْلَمُوا
إِذَا لَمْ أَصِل بِالْقُربِ غَايَةَ مَطْلَبِي
فَخَيرٌ لِحُلمِي لو يَمُوتُ وَأَهْرَمُ
وَخَيرٌ لِمَنْ يَحْيَونَ بِالْهَجرِ وَالأَسَى
إِذَا لَاحَ طَيفُ المَوتِ أَنْ يَتَقَدَّمُوا
أُرِيدُ حَيَاةً بينَ أَضلَاعِ ظَبْيَةٍ
بِهَا الْقَلبُ مِن طُولِ الصَّبَابَةِ مُغْرَمُ
وَأَشْتَاقُهَا حضْنًا أَلُوذُ بِدِفْئِهِ
مِنَ الْبَردِ .. لَو فَارَقْتُ نُعمَاهُ أَندَمُ
وَإِنِّي وَإِيَّاهَا يَبَابٌ وَغَيْمَةٌ
تَجُودُ بِغَيثٍ سَاعَةً وَتُدَمْدِمُ
أَحِنُّ إِلَيْهَا كُلَّ لَيلٍ وبُكرَةٍ
وَلَكِنَّهَا دَوْمًا عَنِ الْوَصْلِ تُحْجِمُ
وَحينًا أَرَاهَا تُمْسِكُ الْوَصلَ عُنْوَةً
فَأُرْسِلُ مِنْ طَيْفِي رسولًا يُسَلِّمُ
وَأَشْتَاقُهَا حِينًا فَتَحْنُو بِوَصلِهَا
وَحِينًا أُنَاجِيهَا فَلَا تَتَكَلَّمُ
إِذَا زَادَ شَوقُ القَلْبِ زَادَ مِطَالُهَا
أَلَمْ تَدْرِ أَنِّي فِي هَوَاهَا مُتَيَّمُ
أَرَى الْهَجْرَ مَوتًا وَالْمِطَالَ مُصِيْبَة
فَأَيُّهُمَا يَا قَومُ بِالقَلْبِ أَرْحَمُ؟


د. مختار محرم
8 ديسمبر 2012 م