تَشَـــــــــهَّدْ !

.
أُفَكِّرُ فيكَ ، نهاري وليلي
.
وأعرفُ أنَّكَ لا بُدَّ آتٍ ،
وأنَّ لقاءَكَ ليسَ بسَهْلِ
.
فليتكَ تأتي على ألفِ مهلِ !
.
وليتك تخبرني ، قبل ذلك ، كي أستعدَّ ،
وأنهِي المُعَلَّقَ ممَّا عليَّ
وألقِي ، على الراسياتِ ، بحِملي !
.
وقلْ لي متى ؟ وعلى أيِّ شكلِ ؟!
.
وهل أستحقُّ أنا كلَّ ذاك العناء الذي ،
رُبَّما تتكبَّدُهُ في سبيل العثورِ عليَّ ،
أتأتي إليَّ ؟!
وتتركُ هذي البلايينَ حولي ؟!
.
أنا ، رغم قوة قلبي ، إذاْ ذُكِرَ اسمُكَ ، أرتجُّ كُلِّي !
فكيف سأصمدُ حين أراك أمامي ؟ ،
وبعضُ الشعورِ الذي يعتريني ،
غداةَ أُفكِّرُ فيكَ ، كفيلٌ بسحق عظامي
وقتلي !
.
لماذا تفكر فيَّ ؟ وتُتْعِبُ نفسَكَ ؟ ،
لستُ مُهِمَّا ، كما قد تظنُّ ،
وسيَّانَ إنْ ماتَ أو عاشَ مثلي !
وقلْ لي لماذا أنا ؟! أوْ ...... !
رويدكَ ! لا !
لا تقلْ لي ! ودعْني أُمَتِّعُ نفسي قليلاً ،
بنعمةِ جهلي !
.
.
(( أقوم ،
وأقعدُ ،
أشربُ ماءً ،
وأشعرُ أنَّ دمائيَ تغلي !
ويسبحُ في الاحتمالاتِ ، في بحرها اللانهائيِّ ،
عقلي ! )) :
.
لعلك ، من بعد عمرٍ طويلٍ ،
تصيرُ رحيماً ،
فتأتي إليَّ كأفضلِ حلِّ !
.
لعلك ، عمَّا قريبٍ ، تفاجئني ،
وبأسرعَ مِمَّا توقَّعتُ تقطعُ ظِلِّي !
.
وتنسى بأنَّ لديَّ الكثيرَ لأفعلَهُ ، قبل يوم مماتي
وتنسى بأنِّي أحبُّ حياتي
ولي أمنياتي
ولي ثمرٌ آيلٌ للنضوجِ ، ولمَّا أذقْ طعمَهُ بعدُ ،
لي شجراتي
وزرعي ، ونخلي
.
.
لعلك تأتي ربيعاً ..
فتُمْسِكُ بي ، وأنا أتأملُ لونَ الفراشاتِ ،
أستنشق العطرَ ، ذاتَ صباحٍ جميلٍ ،
فتقبِضُُ ما جئتَ من أجلهِ ،
ثم تتركني ، نائماً ، بين وردٍ وفلِّ !
.
لعلك تأتي على حَدِّ منعطفٍ ضيِّقٍ ،
في الطريقِ السريعِ المؤدي إلى بيت أهلي !
.
لعلك تلحق بي ، دون عِلْمي ،
إذا ما أردتُ الركوبَ ، صباحاً ، لألحقَ شُغلي
وقبل صعودي ، تمدُّ يديكَ ،
وتسحبُ ، من داخل الباص ، رجلي !
.
لعلك تأتي ، وفي نيِّتي أن أقومَ ،
لكي أتوضَّأَ ، ثم أصلِّي
وأسألَ ربِّيَ أن يتجاوزَ عن سيئاتي
فتحرمُني ، حينها ، من صلاتي
ومن نَيْل سُؤْلي
.
لعلك تأتي خلال نزيفي لهذي القصيدةِ ،
تُسكتُني ، فجأة ، وتُولِّي !
.
.
أفكِّرُ فيكَ ، نهاري وليلي
.
وأعرفُ أنِّي سأخسرُ أيَّةَ حربٍ معكْ !
وأعرفُ أنَّكَ صعبُ المِراسِ ،
ومهما رَجَوْتُكَ ألاَّ تجيءَ ،
فهيهاتَ ، هيهاتَ أن أُقنِعَكْ !
فَكُنْ بي رؤوفاً ، إذا ما أتيتَ ،
وقلْ لي " تشهَّدْ ، ولن أوجعَكْ " !
ويا حبذا لو تخيَّلْتَ نفسكَ ، أيضاً ،
مَحَلِّي !
.
.
أفكِّرُ فيكَ ، نهاري وليلي
وفيمَنْ تمكَّنتَ بالأمس منهم ،
وذاقوا مرارةَ طعمِكَ قبلي
وغابوا ، وما عاد منهم أحدْ
وسِرُّكَ ظلَّ ، وسوف يظلُّ ،
يُحَيِّرُ مَن بَعْدهم ، للأبدْ
كلغزٍ كبيرٍ بلا أيِّ حلِّ !
.
.
ألا ليتني كنتُ ، يا موتُ ، نَسْيَاً ،
وليتَ الذي كان لي ، لم يكنْ لي !